في عصرنا هذا يعد من البديهي القول بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس. فالكنيسة التي كذبت كلا من “كوبيرنيك” و”غاليليو”، اعترفت بخطئها وقصر نظرها تحت سلطان العلم. كما أن تجربة العالم الفرنسي “فوكو” عام 1851، بواسطة النواس الذي يحمل اسمه، أزالت الشكوك حول دوران الأرض حول محورها. ولكن العلم الذي يغذي ويتغذى من الفضول والبحث عن الفهم يحثنا دوما على طرح كل التساؤلات، بغية فهم أعمق للحقائق والنظريات.
في هذا الصدد قد يحتار الناس في أمر دوران الأرض، إذ كيف لشخص جالس على أريكته على مستوى خط الاستواء، في يده اليمنى فنجان قهوة، وفي يده اليسرى كتاب، لا يحس البتة بدوران الأرض المهول، والبالغ 1670 كلم في الساعة من حيث السرعة؟ لماذا يا ترى لا تتناثر أوراق الكتاب، ولا يرتبك السائل في الفنجان، ولا يفقد القارئ توازنه وسط هذا الدوران المجنون؟
إن السبب يعود لمفعولين متعاكسين يحدثان في نفس الوقت على سطح الأرض: يتمثل الأول في مفعول الجاذبية الذي يجذب الكتل نحو مركز الأرض، ويسرع من حركتها إلى حين اصطدامها بعائق أو حاجز. أما الثاني، وهو عكس الجاذبية، يسرع حركة الأجسام بعيدا عن مركزها. ويتعلق هذا الأخير بدوران الأرض حول نفسها حيث يختفي مع توقف الدوران.
وبناء على ما سبق فإن ثباتنا فوق سطح الأرض وثبات الأشياء من حولنا رغم دورانها، يفسر بكون التسارع الناتج عن التجاذب (9.8 متر في الثانية ²) كبير بالمقارنة مع نظيره الناتج عن دوران الأرض حول نفسها ( 0.02 متر في الثانية ²).
المصدر: 1