لماذا تُغرّد الطيور في الصّباح؟
مراجعة مصطفى فاتحي/ التدقيق اللغوي: الحسن أقديم
لا شك أنّكم تلاحظون نشازاً في أصوات العصافير في الساعات الأولى من الصباح، والتي تبدأ عادةً من الرابعة صباحاً ويمكن أن تستمر لِعدة ساعات. يُطلق العلماء على هذه الظاهرة “جوْقة الفجر”. فلماذا تختار الطيور هذا الوقت من اليوم للتغريد بهذا الصوت الذي قد يكون مزعجاً للبعض؟
Photo: pam’s pics via Flickr. Distributed under a CC BY-NC 2.0 license
كما هو معلوم، فالطيور يمكنها أن تغرّد في أي وقت من اليوم، لكن خلال “جوْقة الفجر” غالباً ما تكون أصواتها أعلى وأكثر تردّداً وحيويّة، تَصدر معظمها عن الطيور الذكور، في محاولة منها لجذب الأزواج وتحذير الذكور الأخرى لتبقى بعيدةً عن منطقتها. فما سبب اختيارها للفجر؟
هناك عدّة نظريات تجيب عن هذا التساؤل:
إحدى هذه النظريات تقول أنّ في هذا الوقت من اليوم، تكون الإضاءة مبحيث لا يمكن للطيور الخروج للبحث عن الغذاء، و بما أن مستويات الإضاءة المنخفضة لا تؤثر كثيراً على العلاقات الاجتماعية، فإن الطيور تجد فيها فرصةً سانحة للتغريد والبحث عن الشريك بدلاً من البحث عن الغذاء.
نظرية أخرى تقول أن التغريد في الصباح الباكر يمثل إشارةً لباقي الطيور على قوة وحيوية الطائر المُغّرد، فالتغريد بصوت عال يعلن للجميع عن قوّة وصحّة صاحب الصّوت، فيحميه من مخاطر اللّيل، كما يُشكل مصدر إثارة للشريك، ويُخبر المنافسين أنه مازال مسؤولاً عن منطقته.
لسنوات عديدة اعتقد العلماء أن الظروف الجوية في الصباح الباكر – عادة تكون أكثر برودةً وجفافاً – قد تجعل أصوات الطيور تنتشر في الهواء لمسافات بعيدة، غير أن الأبحاث الأخيرة أظهرت أنّ أصوات الطيور تنتشر بنفس المسافة أو أبعد في الظهيرة، لكنها تكون أكثر وضوحاً وتناسقاً خلال الفجر، وكل فرد من الطيور الذكور له تغريدات خاصة تميزه عن غيره، بحيث تُمكّن باقي الطيور المجاورة من التعرف عليه وعلى قوته، فليس بالضرورة أن يُرسل الصوت لمسافات بعيدة إذا كان هدفه هو التواصل مع محيط مجاور له.
المصدر: wired