قد يتصور البعض أنه كلما ارتفعنا عن سطح الأرض، نقترب من الشمس و يقوم إشعاعها بتسخين الهواء … ولكن في قمة جبل ايفرست على ارتفاع 8848 متر، تصل درجة الحرارة إلى 42.5 درجة تحت الصفر! لسبب وجيه: تمر أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي دون تسخينه، فهذا الغلاف يُسخٌّن فقط تحت تأثير الحرارة النابعة من الأرض.لكم ماذا عن الفكرة القائلة أن الهواء الساخن يرتفع إلى فوق، مما سيؤدي حتما إلى انتقال الحرارة في الطبقات العليا للغلاف الجوي و بالتالي ارتفاع درجة حرارتها. لكن ليس هذا هو الحال. المقال التالي سيشرح لكم لماذا تنخفض درجة الحرارة كلما ارتفعنا عن سطح الأرض.
يتعلق انخفاض درجة حرارة الهواء مع زيادة الارتفاع بعامل الضغط الجوي. فكلما ارتفعنا عن سطح الأرض، يتمدد الهواء للحفاظ على نفس الحجم، الشيء الذي يجعله يبدد الحرارة. و تسمى هذه الظاهرة،ب ” التمدد مكظوم الحرارة Adiabatic Expansion “. توضح الصورة إسفله أنه في طبقة التروبوسفير، وهي الطبقة التي تمتد على طول 12 كم الأولى من الغلاف الجوي، تنخفض فيها درجة الحرارة كلما ازداد الارتفاع. إذا، عند مستوى سطح البحر، حيث الضغط هو 1013 hPa ، يشير مقياس الحرارة إلى 15 درجة ، و على ارتفاع 1000 متر فوق مستوى سطح البحر، و عند ضغط يساوي 900 hPa ، فإن مقياس الحرارة يشير إلى 8.5 درجة ، وعلى رأس جبل مونت بلانك ذو الارتفاع 4810 متر، فإن درجة الحرارة تساوي 16.3°C تحت الصفر و تحت ضغط 314 hPa. هذا الفرق لا يأخذ بعين الاعتبار المؤشرات المحلية مثل الغيوم، والغطاء النباتي، ونوع التربة ودرجة الرطوبة. يقول سيباستيان ليز، مرفق الأرصاد الجوية فرنسا. “إن درجة الحرارة في الطبقات الأربعة للغلاف الجوي ليست ثابتة، فقيمتها تعتمد على التركيب الكيميائي لكل طبقة .”
إذا كانت درجة الحرارة تنخفض مع الارتفاع في طبقة التروبوسفير، فإنها تزداد في الطبقة الموالية و هي طبقة الستراتوسفير ( 12 – 50 كم ). حيث يساهم تأثير الأشعة فوق البنفسجية على جزيئات الأوكسجين في إنتاج الأوزون الذي يقوم بتحرير الطاقة على شكل حرارة. تصل درجة الحرارة إلى صفر درجة سيليسيوس في الحد الأعلى من الستراتوسفير. أما في طبقة الميزوسفير( 50 – 80 كم )، الفقيرة من حيث عدد جسيمات الهواء، فإن درجة الحرارة تبدأ في الانخفاض مرة أخري حتى تصل إلى 80 درجة تحت الصفر. تعود درجة الحرارة لترتفع في طبقة التيرموسفير( 80 – 620 كم ) و تتجاوز 1000 درجة، هذا الارتفاع ناتج عن امتصاص بعض الأشعة فوق البنفسجية من قبل جزيئات الأوكسجين.
المصدر: مجلة science et vie عدد 12 نونبر 2014