تطرقنا في المقال السابق إلى أهمية الرادار في العديد من المجالات، وقمنا بشرح مبسط لمفهومين أساسيين هما الصدى وتأثير دوبلر، وتكملة لما سبق سنحاول الربط بين المفهومين وتحديد العلاقة بينهما بطريقة عمل الرادار.
في الواقع يمكن أن تحدث ظاهرة الصدى وتأثير دوبلر في نفس الوقت، فعند صدور صوت من مصدر معين في اتجاه سيارة متحركة بسرعة مثلا، فإن بعض الموجات الصوتية سوف ترتدّ عن السيارة (هذه الظاهرة تسمى الصدى)، وإذا كانت السيارة متجهة نحو مصدر الصوت فإن عدد الموجات الصوتية سينضغط في حيز زمني أقل (تأثير دوبلر) مما سيجعل تردد الصدى أعلى من تردد الصوت الأصلي. وعند القيام بقياس هذا التعديل الحاصل في التردد يمكن معرفة سرعة السيارة.
رأينا الآن كيف يمكن استعمال صدى الصوت في معرفة المسافة الفاصلة بين الأشياء، وكذلك كيف يمكن توظيف تغير تردد صدى الصوت (تأثير دوبلر) لتحديد سرعة جسم متحرك. انطلاقا من ذلك يمكن إنشاء “رادار” صوتي وهذا ما يطلق عليه اسم “السونار” الذي تستعين به الغواصات والباخرات طوال الوقت.
يمكن الاستعانة بالموجات الصوتية في الهواء أيضا، لكن توجد بعض المشاكل، حيث أن الصوت لا ينتشر لمسافات طويلة، كما أن الموجات الصوتية مسموعة من قبل الجميع، واستخدامها سينتج عنه ضجيج كبير. والحل يكمن في استخدام الموجات فوق الصوتية بدل الموجات المسموعة، وبالتحديد موجات الراديو، حيث يصل مداها إلى مسافات طويلة، وغير مرئية للإنسان غير أنه يسهل الكشف عنها.
دعونا الآن نلقي نظرة حول جهاز رادار مصمم للكشف عن الطائرات في الجو مثلا، حيث يبعث هذا الرادار عن طريق جهاز الارسال نبضات قصيرة (ميكروثانية لكل نبضة) وعالية الشدة والتردد من موجات الراديو، ترسل هذه الموجات في جميع الاتجاهات بمساعدة محرك يدور بسرعة منتظمة. ويعمل جهاز آخر على استقبال صدى الصوت، لتقاس المدة الزمنية المستغرقة من قبل الصدى للوصول. ويؤخذ بعين الاعتبار في الحسابات الصدى وتأثير دوبلر.
تنتشر موجات الراديو بسرعة الضوء، لذلك يستطيع الرادار تحديد موقع الطائرة و سرعتها بدقة أكبر.