المغرب العلمي

كيف يربط الدماغ ذكريات الأحداث المتسلسلة؟

تخيل أنك تسمع صوت احتكاك العجلات متبوعاً بحادثة سير مروعة.  عندما تسمع احتكاكا مماثلا، في المرة التالية، فمن الوارد جدا أن تنكمش متوقعا حادث تحطم آخر، وهو ما يوحي بأنه على نحو ما، فقد ربط دماغك بين تلك الذكريات حيث أن صوت الاحتكاك وحده، و رغم كونه غير ضار نسبيا، يثير فزعك.

وقد اكتشف العلماء اليوم كيف تعمل دارتان عصبيتان في الدماغ معا لأجل السيطرة على تشكيل مثل هذه الذكريات المرتبطة بالوقت.

 

نجح علماء الأعصاب في معهد MIT في تحديد كيفية عمل الدارتين العصبيتين في الدماغ معا للسيطرة على تشكيل ذكريات معينة مرتبطة بالوقت. وهي قدرة جد هامة كونها تساعد الدماغ على تحديد مدى حاجته إلى اتخاذ إجراءات الدفاع عن نفسه ضد تهديد محتمل،  ذلك ما أكده سوسومو تونيغاوا Susumu Tonegawa ، أستاذ علوم الأحياء والأعصاب، والمشرف على ورقة نتائج بحث نشرت تفاصيله في عدد 23 يناير لدورية العلوم Science.

شدد سوسومو على أهمية معرفة الأحداث التي يجب ربطها مع الزمن، وتلك التي لا يجب قرنها لدى الكائنات الحية، حيث يسمح هذا التفاعل بين الدارات العصبية للدماغ بالحفاظ على التوازن بين أن يصبح الشخص مشلولا من شدة الخوف أو أن يكون شديد الإهمال، و هو ما قد يهدد سلامة الشخص أو الكائن الحي في مواجهة كائنات مفترسة أو غيرها من التهديدات.

الربط بين الذكريات:

تحتوي دائماً ذكريات الأحداث، المعروفة باسم الذكريات العرضية، على ثلاثة عناصر: ماذا؟ أين؟ ومتى؟ يتم إنشاء تلك الذكريات في بنية بالدماغ تسمى الحصين hippocampus ، حيث يجب التنسيق بين كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة لتشكيل ذكريات عرضية.

 يتصل الحصين كذلك مع منطقة قشرة الدماغ المتواجدة خارجه مباشرة، والمعروفة باسم القشرة الشمية الداخلية  entorhinal cortex ، والتي تحتوي على عدة طبقات، وتتلقى المعلومات الحسية من المناطق المعالجة الحسية للدماغ كالمشاهد والأصوات، لترسل المعلومات إلى الحصين.

وقد كشفت الأبحاث السابقة الشيء الكثير حول كيفية ربط الدماغ لمكونات المكان والحدث في الذاكرة، خاصة حول الخلايا العصبية في الحصين، والمعروفة باسم الخلايا المكانية، والتي تثار عندما يكون الحيوان في موقع معين، أو عند تذكر الحيوان لذلك الموقع.

يقدم الباحثون في هذا الطرح الجديد، اكتشاف دارة لم تكن معروفة سابقا، والتي تمنع الدارات أحادية المشبك monosynaptic circuit وهي إشارات تنشأ في نوع من الخلايا العصبية التي اكتشفت في مختبر تونيغاوا Tonegawa’s lab ، وأطلق عليها اسم “جزيرة الخلايا island cells ” كونها تشكل مجموعات دائرية داخل الطبقة 2. تنشط تلك الخلايا العصبونات المثبطة في CA1 ، والتي تمنع بدورها مجموعة الخلايا العصبية CA1 التي تم تنشيطها بحلبة الدارات أحادية المشبك.

تحدث هذه الدارة قوة مضادة تحد من فرص إحداث الرابط بين حدثين. وهو ما سيساعد على اكتشاف تقنيات تمنع تشكيل روابط دماغية مؤقتة أو غير ضرورية، حسب بعض العلماء.

المصدر

الصورة