كيف “تتحدث” مختلف أجزاء النبتة مع بعضها البعض؟
من المعلوم منذ زمن أن جذور النباتات تتواصل مع المجموع الخضري، لكن بحثا جديدا من باحثي أكسفورد -بالتعاون مع باحثين من أكاديمية العلوم الصينية في بكين- يخبرنا كيف تتم هذه العملية؟
في حديث للبروفيسور نيك هاربرد، أستاذ علوم النبات في جامعة أكسفورد، ل”مدونة ساينس” عن كيف يتم هذا الأمر، يخبرنا أن “خبر تواصل جذور النباتات مع الأطراف الأخرى لم يكن بأي حال من الأحوال مفاجئا. المجموع الخضري للنباتات يتضمن محطة تدمج ثاني أكسيد الكربون من الهواء بينما تمتص الجذور المواد المعدنية من التربة مثل نترات الأمونيوم أو الفوسفات. والتنسيق بين هذه الأنشطة لربما قد يكون بشكل انتقائي مفيدا، لأنه يسمح للنبتة بكاملها بتجويد ظاهرة الأيض والنمو لديها. ولكن آلية التواصل هاته حتى وقت قريب لم تكن نسبيا معروفة.
ويظهر البحث أن “التواصل يحصل بتحركات عامل من الجهاز الخضري إلى الجذور. هذا العامل هو بروتين يعرف بـــ HY5، وهو نوع من بروتينات “عوامل النسخ” يمكن أن تنشط أو “تشغل” HY5 كان معروفا بالفعل في السيطرة على نسبة التمثيل الضوئي وهو دمج ثاني اكسيد الكربون على مستوى الجهاز الخضري. يظهر ما قمنا به أن HY5 عامل للاتصال بين الجهاز الخضري والجذور عن طريق النسيج الوعائي اللحائي وهو أحد مكونات الجهاز الوعائي للنباتات.
ينتقل HY5 من الجهاز الخضري إلى الجذور، وعندما يصل إلى الجذور ينشط عددا من المورثات في الخلايا الجذرية، بما في ذلك مورثات نواقل النترات التي تستخرج النترات من التربة.
هذا التنشيط يعتمد أيضا على السكريات أي مستوى إدماج ثاني أكسيد الكربون الذي تنتقل أيضا من الجهاز الخضري إلى الجذور عن طريق النسيج الوعائي اللحائي. وهكذا ترفع حركة HY5 والسكريات من الجهاز الخضري إلى الجذور، من التقاط الجذور للنترات.
مكننا استخدام الهندسة الوراثية في هذا البحث من اكتشاف الأشياء التي لم تكن معروفة من قبل. ونحن نفحص الطوافر التي كانت قد خفضت مستوى التواصل بين الجهاز الخضري والجذور.
من المنطقي هنا أن النباتات الطافرة التي تفتقر إلى المورثات التي تتحكم في التواصل بين الجهاز الخضري والجذور هي التي سمحت لنا بتحديد المورثات التي تتحكم في هذا التواصل عند النباتات العادية. أحد هذه الطفرات التي كشف عنها تخص مورثة مسؤولة عن بروتين HY5. ما اكتشفناه باستخدام هذا الأسلوب أن HY5 يتحرك من الجهاز الخضري إلى الجذور، الشيء الذي لم يكن معروفا من قبل عن HY5.
” تعتد هذه المعارف الجديدة من حيث العلوم الأساسية تقدما كبيرا في فهم التواصل بين الجهاز الخضري والجذور، لا سيما فيما يخص كيفية حصول هذا التواصل إلى تنسيق ظاهرة الأيض والنمو عند النباتات. وهذه مجرد بداية لما يحتمل أن يصبح مجالا جديدا في البيولوجيا النباتية الأساسية.
من الناحية التطبيقية، كان أول تعرف على HY5 بوصفه بروتينا ينظم نمو النباتات تحث تأثير الإشارات الضوئية.
تنمو معظم المحاصيل مثل القمح والارز والذرة على شكل مغروسات كثيفة نسبيا، تميل النباتات فيها إلى تظليل بعضها البعض.
استنتاجاتنا تشير إلى أن HY5 قد يصبح هدفا للمزارعين الذين سيعملون على زيادة نشاطه عند جذور المحاصيل المظللة، مما يحسن من امتصاص النترات من التربة.
هذا هو الهدف الرئيسي للمزارعين في العالم حيث سيزيد من كفاءة استخدام الأسمدة، والحد من المحاصيل التي تلحقها أضرار بيئية جراء الأسمدة القادمة من الحقول، وفي الإسهام في الزيادة البيئية المستدامة في إنتاج المحاصيل التي نحتاجها لإطعام سكان العالم الذين تتزايد أعدادهم.
الــمصدر:phys