أكيد أن الأغلب سيتوقع الحديث عن فيروس الإيبولا الذي طغا الحديث عنه في الآونة الأخيرة، أو اكتشاف جديد في عالم الفيروسات، لكن المقال سيتطرق لفيروس يسمع عنه الكل، والقليل فقط هم من يعرفونه، خاصة وأننا في فصل الخريف وعلى مشارف فصل الشتاء، إنه الفيروس المسؤول عن نزلات البرد والرشح، إنه فيروس الزكام.
إعداد: تدغي وفاء / التدقيق اللغوي: الحسن أقديم
تتميز حمات الزكام بمادة وراثية على شكل “حمض نووي ريبوزي ARN” كما تتميز بوجود بروتينات خاصة على مستوى غشائها لعل أهمها “الراصة الدموية” المسماة ب “الهيماغلوتينين”(H) و”النورامينيداز” (N)، ويسمى الفيروس بالاعتماد على أعدادها (مثلا: فيروسH1N1 أو H5N1).
بعد دخول الفيروس إلى الجسم انطلاقا من الفم أو الأنف أو العين، يرتبط بمستقبلات خلايا الجهاز التنفسي بفضل الراصة الدموية التي يتوفر عليها، وبعد اختراقه الخلية يطرح الفيروس حمضه النووي الريبوزي الذي ينتقل صوب النواة، حيث تصبح الخلية قادرة على تركيب بروتينات فيروسية، وإنتاج فيروسات جديدة يمكن أن تُحرر لاستهداف خلايا أخرى.
يمكن للفيروس أن ينتقل عن طريق الاتصال المباشر، كالمصافحة، والتقبيل، أو عن طريق قطرات اللعاب المنبعثة خلال السعال والعطاس، أو عن طريق الإفرازات الأنفية، فضلا عن إمكانية انتقاله من الحيوان إلى الإنسان، كما هو الشأن بالنسبة لإنفلوانزا الطيور والخنازير وأمثلة أخرى.
أما في ما يخص أعراض الإنفلوانزا أو الزكام، فتتجلى بالأساس في إلتهابات على مستوى الجهاز التنفسي والحلق، والتعب، والصداع وآلام المفاصل، إضافة إلى حمى وارتفاع في درجة الحرارة يصل أو يفوق 38.5 درجة مئوية.
ورغم كون الإنفلونزا من أكثر الأمراض شيوعا، إلا أنه يمكن تصنيفها ضمن الأمراض الأكثر فتكا، فرغم كون الإنفلونزا الموسمية حالة قابلة للعلاج، إلا أنه يمكن أن تحصد 1000 حالة وفاة سنويا (إحصاءات أجريت بفرنسا) في صفوف الصغار والكبار ذوي المناعة الضعيفة، أما بخصوص الإنفلونزا الوبائية، فيمكن أن تفتك بحياة ملايين الأفراد عبر العالم.
الوقاية متاحة من خلال بعض اللقاحات، والمحافظة على النظافة خاصة غسل الأيدي بالماء والصابون، إضافة إلى تجنب استعمال مناديل المصاب بالزكام وتفادي الاختلاط بالمصابين إن أمكن ذلك، والحرص على تناول الأغذية الغنية بالفيتامين C، لكون هذا العنصر يتميز بقدرة كبيرة للوقاية من هذا المرض لا علاجه، أما المصاب فيلزمه تجنب مصافحة أو تقبيل الآخرين، وتغطية أنفه وفمه بمنديل أو بيده عندما يعطس لكي لا يُعدي الآخرين.
فيما يخص العلاج، وفي حالة العدوى فمن الممكن علاج أعراض الإنفلونزا وكذا القضاء على الفيروس عن طريق أدوية مضادة للفيروسات، وتجدر الإشارة إلى كون المضادات الحيوية لا تؤخذ إلا في حالة العدوى البكتيرية، مع ضرورة أخذها بوصفة من الطبيب تفاديا لبعض الأعراض الجانبية، أو الحساسية من بعض المواد التي يمكن أن تحتوي عليها.