في مثل هذا اليوم من سنة 1564، ولد الفيزيائي والرياضي والمهندس والفلكي والفيلسوف الإيطالي غاليليو غاليلي في بيزا بإيطاليا . لعب غاليلو دورا محوريا في الثورة العلمية خلال عصر النهضة، معتمدا على الملاحظة والتجربة. لُقب بأب الفيزياء الحديثة و أب العلوم و أيضا أب الفلك الرصدي.
كان والد غاليلو موسيقيا بارعا و مشهورا و قرر أن يصبح ابنه طبيبا. فأرسله إلى جامعة بيزا، مسلحا بذكائه الخارق و موهبته لتعلم و فهم ميادين شتى، هناك اكتشف عاليلو شغفه و حبه للرياضيات و الفيزياء. و أثناء فترة دراسته، و كباقي مثقفي عصره، كان تحت تأثير نظرية أرسطو المنادية بمركزية الأرض و الرأي العلمي الوحيد الذي تقره الكنيسة الرومانية الكاثوليكية . وقد اضطر في سنة 1585 لمغادرة الجامعة لأسباب مادية و لم ينل شهادته.
قام بالتدريس في أماكن متواضعة ،ليكمل دراسة الرياضيات. أثناء هذه الفترة أتم عقدين من دراسة علم الحركة، فقام بنشر بحث يشرح فيه تصرف كمية صغيرة من مائع في حالة سكون ، مما جلب له القليل من الشهرة التي مكنته من التدريس بجامعة بيزا في 1589. هناك قام بتجربته الرائدة لسقوط جسمين ذو كتلتين مختلفتين. و أثبت بالتجربة، الخطأ السائد في تلك الفترة و المتمثل في أن الجسم الأثقل يصل إلى الأرض قبل الجسم الأخف. وقد ألف على إثرها بحثا آخر عن الحركة، و هي وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر أرسطو عن الحركة و سقوط الأجسام . جعلته نتائجه يوجه سهام انتقاداته الحادة لنظرية أرسطو الشيء الذي إلى إنعزاله عن باقي زملائه، مما دفع بجامعة بيزا إلى عدم تجديد عقد عمله في 1592.
مباشره بعد ذلك، قُبل غاليلي لتدريس الهندسة الرياضية و الهندسة و الفلك، بجامعة “بادوا” في جمهورية البندقية ، حيث ألقى محاضرات مسلية جذبت حشودا كثيرة . مما جلب له المزيد من الشهرة و من المسؤولية كذلك.
في سنة 1604 ،قام بنشر The Operations of the Geometrical and Military Compass ،كاشفا عن مهارته في تبني المنهج العلمي المبني على التجربة و التطبيق للتقنيات العلمية ،جلبت له مزيدا من الشهرة و التقدير. في نفس السنة قام بإدخال تعديلات على نظريته عن الحركة و سقوط الأجسام و أيضا إرسائه دعائم قانون التسارع الكوني. في هذه الفترة بدأ يدعم علانية أفكار و نظرية “كوبرنيكوس”، حول مركزية الشمس و أن الأرض و باقي الكواكب تدور حولها .هذا يعتبر طعنا في عقيدة أرسطو والنظام القائم الذي وضعته الكنيسة الكاثوليكية.
في يوليوز من سنة 1609، سمع عن تلسكوب بسيط صنعه نظاراتي هولندي ، فقام بتطويره و تجربته ،فاهتم بالأمر أحد تجار البندقية، وطلب منه صناعة وتجميع المئات منه لبيعها في أرجاء أوروبا. دفعه طموحه هذا إلى أبعد من ذلك، ففي خريف عام 1609 اتخذ قراره “المشؤوم” بتوجيه تلسكوبه نحو السماء . وفي مارس 1610 ،قام بنشر كتاب The Starry Messenger و الذي كشف فيه عن العديد من الأفكار المهمة. من بينها أن القمر ليس مسطحا و سطحه مليئ بالمرتفعات، و أن كوكب الزهرة له أطوار كالقمر و يدور حول الشمس كغيره من الكواكب. أشار غاليلو أيضا في ملاحظاته أن كوكب المشتري له عدة أقمار تدور حوله ،لا حول الأرض. سرعان ما بدأ غاليليو بتدوين مجموعة من الأدلة التي تدعم نظرية كوبرنيكوس وتتناقض كليا مع نظرية أرسطو وعقيدة الكنيسة. توالت اكتشافاته وتجاربه العديدة ،حيث قام بتفسير كيفية طفو الأجسام ، و ملاحظات حول البقع الشمسية .و في نفس السنة، كتب غاليليو رسالة لأحد طلابه يشرح فيها نظرية كوبرنيكوس. أن العلم له تقدم مختلف و أكثر دقة. و نشرت الرسالة علانية وأقر مستشارو محاكم التفتيش بأن نظرية كوبرنيكوس مجرد هرطقة. في سنة 1616، صدر أمر لغاليلي ب “عدم الاعتقاد، وتعليم، أو الدفاع بأي شكل من الأشكال” عن نظرية كوبرنيكوس بخصوص حركة الأرض. انصاع للأمر مدة سبع سنوات، و ذلك راجع جزئيا إلى كونه كاثوليكيا مخلصا، مما جنبه عقوبة الإعدام التي طالت من سبقه إلى تبني الفكرة.
بسبب صداقته مع البابا “أوربان الثامن” ، سمح له هذا الأخير في استكمال أبحاثه سنة 1623. لكن بسبب الضغوط التي واجهت البابا و بسبب الظرفية السياسة الصعبة التي عاشتها الكنيسة لم يجد غاليليو مناصرا له داخل الكنيسة، حيث حكمت عليه محاكم التفتيش سنة 1633، و اتهمته بالهرطقة. بعد أن حكم عليه بالسجن، خفف الحكم إلى الإقامة الجبرية. ومنع من مناقشة تلك الموضوعات، وأعلنت المحكمة بأن كتاباته ممنوعة، ومنذ ذلك اعتكف في بيته وأمضى به بقية حياته. و رغم الإقامة الجبرية ،كتب ملخصا لعلم الحركة و أسس أيضا علم مقاومة المواد. و في تلك الفترة فقد بصره و و هزل بسبب المرض. توفي في 8 يناير 1642، بعد معاناة مع الحمى و خفقان القلب. و في عام 1741 صدر تصريح من البابا بنديكت الرابع عشر بطباعة كل كتب غاليليو، وبحلول العام 1835 تقلصت معارضتها لمركزية الشمس تماما.
الصورة :1