يعد الخازني (ت550هـ/ 1155م) أبرز الذين وضعوا مؤلفًا في الموازين وعلم الميكانيكا والهيدروستاتيكا، ويعد كتابه “ميزان الحكمة” موسوعة تشمل هذين العلمين، بما في ذلك الأثقال والأوزان النوعية لكثير من المعادن، واخترع الخازن آلة لمعرفة الوزن النوعي للسوائل، ووصل في تجاربه إلى درجة عظيمة من الدقة، واستخدم ميزان الهواء للحصول على الثقل النوعي للسوائل بكل نجاح، وتوصل في ذلك أيضًا إلى نتائج باهرة إذا ما قورنت بالتقديرات الحديثة.
كتب الخازني أبحاثًا أصيلة في المرايا وأنواعها وحرارتها، والصور الظاهرة فيها، وفي انحراف الأشياء وتجسيمها ظاهريًا، وأجرى تجارب لإيجاد العلاقة بين وزن الهواء وكثافته، وأوضح أن المادة يختلف وزنها في الهواء الكثيف عنه في الهواء الخفيف لاختلاف الضغط، كما بيَّن أن قاعدة أرشميدس لا تسري فقط على السوائل، بل تسري أيضًا على الغازات.
وفي كتابه “ميزان الحكمة” الذي عثر عليه في منتصف القرن التاسع عشر، استيفاء لبحوث مبتكرة في الفيزياء عامة والهيدروستاتيكا والميكانيكا خاصة، وقد سبق الخازن في هذا الكتاب غيره في الإشارة إلى مادة الهواء ووزنه، وقال: “إن للهواء وزنًا وقوة رافعة كالسوائل تمامًا؛ فالهواء كالماء يحدث ضغطًا من أسفل إلى أعلى على أي جسم مغمور فيه، وعلى ذلك فإن وزن أي جسم مغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما ينقص من الوزن يتوقف على كثافة الهواء“.
ولاشك في أن هذه الدراسات هي التي مهّدت لدراسات تورشلي وباسكال وبويل وغيرهم، ومهّدت بذلك لاختراع البارومتر، وتناول في الكتاب نفسه ظاهرة الجاذبية، وقال: “إن الأجسام تتجه في سقوطها إلى الأرض، وأن ذلك ناتج عن قوة تجذب هذه الأجسام في اتجاه مركز الأرض“.
وفي “الميزان الجامع” يبحث في المقدمات الهندسية والطبيعية لبناء الميزان، ومراكز الأثقال كما وصفها ابن الهيثم وأبو سهل الكوهي، ومقدار غوص السفن، كما يبحث في أسباب اختلاف الوزن، ومعرفة النسب بين الفلزات والجواهر في الحجم، وموازين الماء وفحصها، واستخدام الصنجات الخاصة بالموازين، ووزن الدراهم والدنانير دون صنجات، وميزان الساعات وميزان تسوية الأرض، وقد ترجمت كتابات الخازن إلى اللاتينية ثم الإيطالية في وقت مبكر، واستعانت بها أوروبا في العصور الوسطى وبدايات العصر الحديث.
المصدر : uqu.edu.sa