تخيلوا شاشة عرض أكثر نحافة وتعمل دون مصدر للطاقة، مما يجعلها وسيلة محكمة وذات كفاءة طاقية لعرض المعلومة البصرية. بهذه التكنولوجيا يمكننا يوما ما إنتاج قارئ كتب إلكتروني وشاشات مرنة أو استعمالها في إجراءات الأمان في البطاقات المصرفية .
يبدو للوهلة الأولى أن تقنية “العرض حسب مستوى اللون الرمادي Greyscale Display” المبتكرة من قبل مجموعة من الباحثين في جامعة (هونكونك) الصينية، فالصين قد لا تلفت أنظار المستهلك في سوق مشبعة بأدوات إلكترونية براقة وأكثر تلونا. لكن نظرة عن قرب في مواصفات هذه التقنية قد تغير نظرتك: فـ “شاشة الكريستال السائل النحيفة جدا” (Ultra-thin LCD) والتي تم التطرق لها في مقال علمي في مجلة (The Optical Society’s (OSA) Journal Optics Letters) ، قادرة على حجز صور ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة الى منبع للطاقة ، مما يجعلها محكمة وذات كفاءة طاقية في عرض المعلومة البصرية.
تستخدم شاشة الكريستال السائل( Liquid Crystal Displays – LCDs) في العديد من التطبيقات التكنولوجية من شاشات التلفاز إلى واجهات الساعات الرقمية. في شاشة الكريستال السائل الاعتيادية، نجد أن جزيئات الكريستال السائل تكون محجوزة بين زجاجات مسطحة ذات استقطاب، حيث يتم تمرير التيار من خلال الجهاز، مؤثرا بذلك على اتجاه البلورات السائلة داخله، بالتحكم في طريقة تفاعل البلورات مع الضوء المستقطب. أما الأجزاء المضاءة و المظلمة في شاشة القراءة فيتم التحكم فيها عن طريق التيار المار عبرها.
لقد استغنت شاشة العرض الجديدة عن الأقطاب الكهربائية، مما جعلها أكثر نحافة، و في نفس الوقت أقل حاجة للطاقة. يتم تحميل الصورة دفعة واحدة للشاشة عبر ومضة ضوئية، وعدم الاحتياج للطاقة ضروري لإبقائها هناك. هذا ما يسمى بشاشات ثنائية الاستقرار التي تسحب الطاقة فقط حين تتغير الصورة، وتعتبر ملائمة خصوصا في التطبيقات حين تعرض الشاشة صورة ثابتة غالبا، كقارئ كتب أو عارض مستوى البطارية للأجهزة الإلكترونية.
يقول الباحث (Abhishek Srivastava)، أحد كتاب المقال: “كون الشاشات المقترحة لا تتوفر على متحكمات إلكترونية، فهذا يجعل عملية التصنيع بسيطة جدا، كما توفر ميزة ثنائية الاستقرار استهلاكا متدنيا للطاقة، حيث يمكن الاحتفاظ بصورة ما لسنوات عديدة.
ذهب الباحثون لأبعد من ذلك حيث أنتجوا شاشة (LCD) بسيطة يمكنها عرض صور ثلاثية الأبعاد. تظهر الأجسام الحقيقية ثلاثية الأبعاد لكون الفصل بين العبن اليسري واليمنى هو الذي يخلق المنظر، في حين نجد الأفلام ثلاثية الأبعاد (3D) تعكس ه²ه الظاهرة في شاشة مسطحةK حيث يتم تسليط الفيلم من زوايا مختلفة، فتتم فلترة الضوء انتقائيا عن طريق نظارات تضعها أثناء المشاهدة، سامحة بذلك بمرور مشهد للعين اليسرى، و ما تبقى يسقط للعين اليمنى لخلق صورة ثلاثية الأبعاد.
و مع ذلك ، فعوضا عن عرض صور متعددة على لوحات منفصلة لتنظيمها بعناية (عملية شاقة و تستغرق وقتا أطول)، أنشأ الباحثون وهما من عمق صورة فردية عن طريق استبدال قطبية الضوء المار بالشاشة، إذ تم تقسيم الصورة إلى ثلاث مناطق: الأولى يكون الضوء فيها مائلا لليسار ب 45 درجة، والثانية يكون الضوء مائلا ب 45 درجة لليمين، أما الأخيرة فلا يتم إجراء أي تغيير. عند المرور عبر “فلتر” خاص فإن الضوء يتم استقطابه عبر المناطق الثلاث في اتجاهات مختلفة، الأمر الذي يجعل الصورة تظهر في شكل ثلاثي الأبعاد بالنسبة للمشاهد.
هذه التكنولوجيا ليست متوفرة حاليا لدمجها في التكنولوجيا المتعلقة بالتلفاز، فهي تعمل فقط على عرض الصور في مستويات متدرجة للون الرمادي، و لا يمكن تحديثها بسرعة أكبر لعرض فيلم معين. في المقابل فالباحث (Srivastava) و زملاؤه يعملون على تحسين هذه التكنولوجيا عن طريق إضافة قدرات لونية و تطوير معدل التحديث. المظهر النحيف و متطلبات الطاقة المتدنية للأجهزة يمكنها أيضا أن تجعل التقنية أكثر إفادة فيما يخص الشاشات المرنة أو إجراءات الأمان في بطاقات الائتمان.
اعداد : عبد الكريم الطياش
التدقيق اللغوي: علي توعدي
المصدر : 1
مصدر الدراسة العلمية : 2