حكاية الهيليوم مشابهة لحكاية الهيدروجين فزمنيا تشكل الهيليوم بعد وقت قليل من تشكل الهيدروجين .
يُــروى أنه بعد دقائق قليلة من ميلاد أول ذرات الهيدروجين، كان الكون شديد الكثافة و كانت الحرارة مرتفعة جدا، ارتجَّت و تدافعت بروتونات الهيدروجين لتصطدم ببعضها البعض بقوة كبيرة ،كانت المدة التي كانت فيها حرارة الكون موافقة لعتبة الإندماج النووي قصيرة جدا، حيث أنها سرعان ما انخفضت عن عتبة الإندماج النووي لينتج عن ذلك تشَكل أولى نويات الهيليوم.
هكذا وُلِدت أول ذرة هليومية في الكون و بنفس الطريقة لازالت تولد إلى يومنا هذا، حيث لازالت تفاعلات الإندماج النووي بين ذرات الهيدروجين قائمة ليومنا هذا ، فعلى رأس كل ثانية تندمج 4,5 ملايين طن من بروتونات الهيدروجين داخل قلب شمسنا لتُــشكِّل ذرات الهيليوم.
يعود اكتشاف الهيليوم لأول مرة لسنة 1868 عندما حدث كسوف كلي للشمس بالهند ،حينها رصد علماء الفيزياء الفلكية طيفا ضوئيا غريبَ المَعَاِلِم صاحب هذا الكسوف، و قد أسموه بتلقائية “هيليوم” وهي كلمة إغريقية مشتقة من “هيليوس” (إله الشمس لدى الإغريق ).
يعتبر الهيليوم أحد العناصر الأكثر وفرة في الطبيعة حيث يدخل في تركيب الغلاف الغازي للعديد من الكواكب؛ فنسبة الهيليوم مقارنة مع الذرات الأخرى تحدد ب 8% وهذه هي النسبة التي تكونت عقب الإندماج النووي لذرات الهيدروجين، إلا أنه بفضل تفاعلات الإندماج النووي المستمرة داخل النجوم، قد تحتوي بعض مناطق الكون على نسبة أعلى من نسبة 8 % الأساسية، ومع ذلك فعلى سطح كوكبنا لا نجد الهيليوم إلاّ بكميات ضئيلة جدا مقارنة مع الكواكب الأخرى؛ ويرجع ذلك لسرعة انفلاته (كونه عنصرا خفيفا) إلى الفضاء الخارجي .
يترأس الهيليوم مجموعة الغازات الخاملة في الجدول الدوري، عدده الذري هو 2 و هو خفيف الوزن و ناقل للحرارة وهو قليل الذوبان في الماء و كثافته منخفضة ، وهو ذو نشاط كيميائي ضعيف لِكَونِ طبقته الخارجية تكون مشبعة بالإليكترونات لذلك أيضا يكون دائما أحادي الذرة He.
تتنوع مجالات استعمال هذا العنصر الذي يظهر في الطبيعة على شكل غاز؛ أحد الإستعمالات المرحة لهذا الغاز هي أنك حين تستنشقه تتسبب كثافته المنخفضة مقارنة بغازات الغلاف الجوي، في زيادة حدة ذبذبات الصوت في القصبة الهوائية مما يجعلك تتحدث بصوت حاد أشبه بصوت “ميكي ماوس” .