توقفنا في “البداية” عند الدور الألماني في اكتشاف جزيرات لانجيرهانز. واليوم سنستأنف الحديث بألمانيين آخرين بصما تاريخ اكتشاف الأنسولين، والحديث هنا عن كل من الفيزيولوجي أوسكار مينكوفسكي والطبيب جوزيف فون ميرينغ.
كان الرجلان يناقشان دور الأنزيمات البنكرياسية في هضم الدهنيات في الأمعاء، واقترح منكوفسكي التدخل جراحيا بإزالة البنكرياس للتأكد من الفرضية. قاما إذن بإزالة البنكرياس جراحيا لتكون أول عملية من نوعها مسجلة على مستوى العالم، وذلك سنة 1889.
بدل الاكتفاء بملاحظة هضم الدهنيات، لاحظ الرجلان أن التدخل الجراحي لدى الكلاب لإزالة البنكرياس، كان كفيلا بتسبيب أعراض مرض السكري القاتل، ليوضع الربط بين العضو والمرض لأول مرة. في حين أن إغلاق القناة التي توصل العصارة الهضمية البنكرياسية إلى الأمعاء يؤدي إلى مشاكل هضمية، لكنه لا يسبب السكري بحال.
يتضح من التجربتين أن للبنكرياس دورين على الأقل، يتجلى أولهما في إفراز العصارة الهضمية، والذي أثبتته تجربة إغلاق القناة، ودور في ضبط نسبة السكري في الدم، وقد خلص إليه بالرجوع إلى تجربة إزالة البنكرياس.
فرضية إفراز داخلي ناتج عن وظيفة بنكرياسية أخرى كانت مفتاحا لفهم أفضل للظاهرة. إذا تُمُكِّن من عزل هذه المادة، سيحل لغز مرض السكري. مع ذلك، فالتقدم لم يكن بالسرعة المرجوة.