تقدم ملحوظ ذلك الذي أنجزه كل من بانتنغ ومساعده تشارلز إلى حدود اللحظة، لكن محدودية إمكانات المختبر خصوصا عدد الكلاب التي توصلوا بها، ألجأهم إلى استعمال بنكرياس مأخوذ من الماشية. وكما كان متوقعا فقد تمكنوا، بفضل المصدر الجديد للمستخلص، من إبقاء عدة كلاب مصابة بالداء على قيد الحياة.
أخيرا، وبعد اطلاعه على هذه النتائج، اقتنع دجون ماكلويد بأن هناك شيئا هاما في طور الاكتشاف، وهيأ لهم مخبرا أكثر تجهيزا، بل واقترح أن يسمى المستخلص بالأنسولين.
في أواخر سنة 1921، تعزز الفريق بمتخصص في الكيمياء العضوية، ويتعلق الأمر ب بيرترام كوليب، الذي وكلت إليه مهمة عزل المادة الفعالة. كان هذا العزل هاما للمرور إلى تجريب الأنسولين لدى الإنسان. بعد تجارب مكثفة خلص الفريق إلى أن عملية تعريض البنكرياس للضمور، ليس لها دور كبير، بل إن مستخلص البنكرياس كاملا يؤدي، تقريبا، إلى نفس المفعول*.
قرر الفريق المرور للتجريب على الإنسان، لكن على من؟ لم يجدوا أمامهم إلا أنفسهم، فقام كل من بانتنغ وبيست بحقن نفسيهما بالمستخلص، ليحسا بشعور بالضعف والدوار، لكن الأمر لم يكن خطيرا. في نفس الأثناء كان الملتحق مؤخرا عاكفا على تجارب عزل المادة الفعالة، بالإضافة إلى محاولات لفهم الجرع المناسبة. لاحظ نتيجة لذلك أن تناول وجبة غنية بالسكر على شكله النقي، العسل أو عصير البرتقال، كفيل بإزالة أعراض جرعة زائدة من الأنسولين.
في يناير من سنة 1922، حقن أول مريض بالسكري بالمستخلص. يتعلق الأمر بالطفل ليونارد تومسون ذي 14 ربيعا. النتيجة كانت مدهشة، إلى درجة أن الطفل الذي كان ينتظر أهله موته في أية لحظة استعاد قوته، وشهيته، بل وعاش 13 سنة أخرى إلى أن مات متأثرا بالتهاب رئوي.
<<السابق سلسلة: “في أثر الأنسولين” التالي>>