سلسلة سحر علوم الصناعات الغذائية (2): المستحلبات الغذائية (E)
تتجه إلى أقرب متجر للأغذية، تتسلل بين الممرات، تلقي نظرات على الرفوف… عبوات بلاستيكية وأخرى زجاجية وأكياس من السيليلوز وأخرى من الألومنيوم… كل أنواع المنتوجات الغذائية هنا، تمد يدك لعبوة عصير التفاح تراقب الملصق، فإذا بك تجد المستحلب 300 E مهلا؟ ماهذا؟ لا تقلق إنه حمض الأسكوربيك أو كما يعرف بفيتامين “س” يضاف كمضاد للأكسدة لمنع العصير من تغيير لونه إلى البني الداكن وغير الموحد وهذا لن يعطيك انطباعا جيدا عند رؤيتك له، إن الأمر أشبه عندما تشطر تفاحة إلى إثنين فيتغير لون سطحها نتيجة تفاعل كيميائي لمركبات وأنزيمات توجد مسبقا في التفاح مع الأكسجين، وهذا ما يحدث أيضا في البطاطس و الموز في حين لا نلاحظه في البرتقال أو الليمون لإحتوائهما على حمض الأسكوربيك الطبيعي.
أنت تريد أن يكون طعامك ذا جودة، خالي من باكتيريا التسمم الغذائي، حلوا ودون سعرات حرارية، يصلح للأكل بعد شهر أو عام وغير قابل للتعفن، جميل اللون والشكل، كما أنك تريد جبنا قابلا للدهن بسهولة على فطيرتك الصباحية، كل هذا ماكان ليتحقق بدون مستحلبات غذائية حاملة لرمز E الذي يشير إلى الإتحاد الأوروبي.
المستحلبات الغذائية عديدة وتدخل في أكثر من نصف منتجاتنا الغذائية ولكل صنف منها دوره الخاص، فمنها المنكهات والملونات كمستحلب E150 وهو الكارميل والذي يعطي للمشروبات وبعض السكاكر اللون البني الذي يمكن الحصول عليه عن طريق عملية “الكَرمَلة” بتسخين السكر ببطء في حرارة تصل إلى ما يقارب 170 درجة مئوية، في حين مستحلب 102 E وهي جزيئة التارترازين تعطي اللون الأصفر.
هل سبق أن حاولت صنع المايونيز بمزجك لحمض الإيثانويك (الخل) مع التريغليسريد (الزيت)، فإنك ستلاحظ أنهما لايمتجزان، ولذلك تأتي جزيئة اللسيتين 322 E والتي يمكن إيجادها في مح البيض أو الصويا التي تندرج تحت صنف المستحلبات والموازنات والمكثفات، فعلى سبيل المثال نجد في هذا الصنف مستحلب 440 E وهو البكتين نوع من السكر يضاف كعامل مخثر في المربي، ومستحلب 407 E وهو “الغاراغينان” يستخرج من بعض الطحالب الحمراء ويعطي لمنتوجاتنا خصائص هلامية بفضل تكوين شبكة ثلاثية الأبعاد متشابكة داخل السائل كالحليب مثلا.
أتحب السكريات؟ حسنا وتتبع الحمية؟ الصناعات الغذائية توفر لك محليات بدون سعرات حرارية ونجدها في المشروبات “الخفيفة” مثلا، ويوجد منها 951 E وهو “الأسبارطم” و” الساكرين ” و “السكرالوز” والذي له قدرة تحلية تفوق 600 مرة الساكاروز (السكر).
أنت بلا شك تحب الحصول على مذاق أقوى عند تناولك للبيتزا والسمك واللحم ولهذا أقدم لك محسن النكهة 621 E وهو غلوتامات أحادية الصوديوم ليمنحك شعورا بنكهة أقوى.
أتخاف من التسمم الغذائي؟ أفي كل مرة يتعفن طعامك؟ لاعليك، يوجد صنف من المستحلبات تحفظ طعامك من التعفن عن طريق منع الباكتيريا من النمو وكذلك منعها من إفراز السموم، إليك 252 E وهو نترات البوتاسيوم المستعمل بكثرة في اللحوم و اللحوم المقددة أيضا.
المستحلبات أصبحت ضرورية لكي لا يفسد طعامنا ويظهر بجودة بإضافة كميات قليلة جدا منها، فحتى لو قررت أن تستغني عنها فسوف تجدها في الطبيعة وستستمر في تناول ما يقرب 90 مستحلب حتى و لو أردت أن لا تشتري أي منتج على رفوف المتجر، فمثلا أنزيم الليزوزايم 1105 E الذي يحافظ على الجبن من التعفن يمكن إيجاده في دموعنا والذي يستطيع هدم جدار الباكتيريا، و280 E وهو حمض البروبانويك يمنع تعفن الخبز بواسطة الفطريات يمكن إيجاده في عرقنا، و920 E وهو “السيستيين” حمض أميني يمكن إنتاجه عن طريق باكتيريا معدلة وراثيا ونجده في جزء من جسدنا وهو الشعر، و507 E وهو حمض الكلوريدريك يلعب دور محمض ونجده في عصارتنا الهضمية.
فبدون العلم ما كانت الصناعات الغذائية لتقدم لنا طعاما بالشكل المطلوب. وبفهم آليات عمل مجسات التذوق على اللسان يمكن المزج بين المر والحلو في نفس الجزيئة، وبعمل كيمياء الدماغ يمكن معرفة ما تفضل من الطعام.
المراجع:
Science and Cooking/ Michael Brenner
Modernist Cuisine/ Nathan Myhrvold