تُخلف الزلازل آلاف الضحايا سنويا، و للأسف ليس من السهل توقُّع حدوثها. و عبر التاريخ عُرفت فكرة تنبأ الحيوانات بالزلازل، فإلى أي حد تعتبر هذه الفكرة صحيحة؟ و هل من الممكن توقع حدوث الزلازل بدقة؟ و ماهي مختلف الطرق المستعملة لهذا الغرض؟
تنبأ الزلازل فرع من علم الزلزال “seismology”، يهتم بتحديد الوقت و المكان و شدة الزلازل المستقبليّة، مع الاشارة للارتياب و مجال الدقة، و إصدار تنبيه في حالة استشعار الخطر بدقة كافية.
تفائل العلماء سنة 1970 بإيجاد طريقة عملية للتنبأ بالخطر الزلزالي، لكن في سنوات التسعينات، و مع توالي إخفاق عمليات التنبؤ، جعلت الأمر يبدو صعب التحقيق. و هكذا فعمليات التنبأ لم تعرف النجاح إلا في حالات قليلة.
تنبأ الزلازل لم ينضج بعد ليصبح علما حقّا، لأنه لم يتمكن بعد من توقع الزلازل انطلاقا من المبادئ الفيزيائية، لذلك تستند بعض البحوث على التحليل التجريبي “empirical analysis” و مقارنة الزلازل ، و الاستنتاجات المبنية على الدراسات الجيوفيزيائية و التكتونية. و بايجاز نذكر بعض الطرق المعتمدة:
1- الطلائع:
تعنى استشعار شذوذات تُنذر بحدوث زلزال مُقبل، تذكر المراجع وجود حوالي 400 علامة تنذر بامكانية حدوث الزلزال و20 طريقة لاستعمال هذه العلامات، سلسلة ممتدة من علم الفلك إلى علم الحيوانZoology . و للأسف لم تتبث أي من هذه الطرق نجاعتها في توقع الزلازل.
2- سلوك الحيوانات:
سجل التاريخ منذ قرون روايات تحكي السلوك الشاذ و الغريب للحيوان المرتبط بالزلازل. فُسرت السلوكات الغريبة للحيوانات عشرات الثواني قبل الزلزال، باستشعارها للموجاتP السريعة، التي تصل السطح قبل الموجات المدمرة S بلحظات قصيرة، و هذا الأمر لا يُعدُّ تنبأ و إنما استشعار قبلي قبل وصول الموجات المدمرة. كما فُسر السلوك الشاذ للحيوانات ساعات و أيام قبل الزلزال باستشعارها لهزات خفيفة لا يمكن للإنسان الإحساس بها. أكدت الدراسات المنجزة حدوث تغير في سلوك الحيوانات في حالات الهزات الخفيفة التي تسبق الزلازل المدمرة.
بقيت حالات الزلازل المفاجئة و غير المسبوقة بهزات خفيفة بدون تفسير إلى مارس 2015 حيث توصلت دراسة جديدة لنتائج مذهلة:
استعمل خلالها العلماء معطيات مسجلة بواسطة سلسلة من الكاميرات التي تم تثبيتها في المتنزه الوطني ياناشكا بالبيرو في حوض نهر الأمازون، حيث رصدت التغيرات التي تطرأ على سلوك الحيوانات قبل ثلاثة أسابيع من وقوع زلزال شدته سبع درجات ضرب المنطقة عام 2011.حيث لم تسجل أي حركات أو مشاهدات للحيوانات قبل الزلزال بفترة خمسة إلى سبعة أيام. كما ذهبت هذه الدراسة بعيدا في البحث عن السبب، و رصدت تغيرات بالغلاف الجوي، سببها الأيونات الموجبة التي تُحرر بكميات هائلة بسطح الأرض عندما تكون الصخور العميقة تحث ضغوط متزايدة بفعل تراكم الزلزال.
تسبب الايونات الموجبة اثأرا جانبية غير مرغوبة عند الحيوانات و البشر، كمتلازمة السيروتونين “serotonin syndrome”، يحدث هذا بسبب زيادة مستويات السيروتونين في الدم، ويمكن أن يؤدي إلى أعراض مثل الأرق، والتهيج، وفرط النشاط والارتباك.
3-تغيرات خارج سرعة الموجات P على سرعة الموجات S:
اثبتت التجارب المخبرية على عينات صغيرة، تغيرالمعامل Vp/Vs عندما تقترب الصخور من نقطة انكسارها، و فُسر هذا الأمر بتَمَددِيّة وسط الانتشار، حيث تتمدد الصخور قليلا عند اقتراب انكسارها. مكنت دراسة هذه الظاهرة سنة 1970 من تنبأ ناجح لزلزال ضرب منطقة بحيرة الجبل الأزرق بولاية نيويوك الأمريكية، لكن لم تُسجل نجاحات أخرى لهذه الطريقة، و اعتبرت هذه الحالة مجرد ضربة حظ.
الصورة: 1