المغرب العلمي

خطوة أولى من أجل إرسال بيانات العلب السوداء بشكل مباشر

خلَّف اختفاء الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية العديد من التساؤلات، خاصة و أنه لم يتم العثور لحد الساعة على العلبة السوداء التي تقوم بتسجيل المعلومات المتعلقة بالرحلة و كذا المحادثات التي تدور بين الطيارين. و يظل السؤال الأبرز: إذا كنا نستطيع التواصل عن طريق الأنترنت و الأقمار الصناعية و مشاهدة التلفاز داخل الطائرة، فلماذا لا يتم إرسال المعلومات الثمينة التي تحويها العلب السوداء بشكل مباشر ؟

في عام 2009، عقب تحطم طائرة الخطوط الجوية الفرنسية لرحلة  أف447 (AF447) الرابطة بين ريو و باريس و التي لم يتم العثور على علبتها السوداء إلا بعد عامين من وقوع الحادثة، طُرِح السؤال على ‘جونزاليس بيريز’ وهو مسؤول عن الدراسات التقنية للاتصالات الساتلية بالمركز الوطني للدراسات الفضائية، و كان جوابه : ” نستطيع اليوم إرسال معلومات العلب السوداء بشكل مباشر، فهناك نظم تمكننا من متابعة دقيقة للمكوكات الفضائية و المحطة الفضائية الدولية […] و لكن يوجد اختلاف مهول بين استعادة البيانات من مكوك فضائي و البيانات من آلاف الطائرات المحلقة في نفس الوقت”

ففي دراسة أجراها صانع العلب السوداء ‘L-3 Aviation recorders’  في عام 2002, تبين أنه يجب على شركة الطيران الراغبة في نقل بيانات رحلات أسطولها بشكل مباشر دفع 30 مليون دولار في السنة، هذا مع افتراض انخفاض تكلفة البث عبر الأقمار الصناعية بحوالي 50% في المستقبل.

من جهة أخرى فالكم الهائل للمعلومات الناتج عن أكثر من 50.000 رحلة في اليوم يشكل عقبة في حد ذاته من حيث توفر عرض النطاق الترددي (bande passante) و سعة الأقمار الصناعية. فهل يمكن الجزم أن هذه الفكرة، فكرة النقل المباشر لبيانات العلب السوداء غير قابلة للتطبيق و أنه يجب التخلي عنها؟

ليس بعد، ففي بيان صدر يوم الثلاثاء 1 أبريل نيسان 2014، أكد الاتحاد الدولي للاتصالات(*) أنه سيعمل على وضع معايير جديدة للعلب السوداء في المستقبل و ذلك من أجل نقل المعلومات التي تحويها هذه العلب بشكل فوري. فقد صرح حمدون توريه(Hamadoun Touré) رئيس الاتحاد الدولي للاتصالات مؤكدا أن هذا الأخير يسعى لاستخدام آخر التطورات في مجال الإعلاميات من أجل العمل على تحديد مواقع الطائرات بشكل مباشر.

يتبين مما سبق أن عملية نقل المعلومات بشكل آني ليست بالأمر الهين ، فالتحديات التي تفرضها التكلفة و توفر عرض النطاق الترددي (bande passante) و سعة الأقمار الصناعية لا زالت قائمة. لهذا يتم التفكير في مجموعة من الحلول الوسيطة، فمثلا عوض إرسال المعلومات بشكل متصل و دائم من كل الطائرات في آن واحد، يمكن اللجوء إلى البعث المتقطع للمعلومات و فق فترات زمنية منتظمة و إعطاء الأولوية للطائرات المحلقة في مناطق يستحيل فيها الاتصال اللاسلكي. من جهة أخرى يمكن ربط العلبة السوداء بوحدة للمعالجة المركزية التي تعمل على اختيار المعلومات الأكثر أهمية قبل إرسالها.

(*) يعد الاتحاد الدولي للاتصالات وكالة تابعة لمنظمة الامم المتحدة تعنى بالتنسيق بين الدول و القطاع الخاص و تحديد معايير الاتصالات في العالم.

المصادر:

1

2

تحرير:  سعيد الفراشي

مراجعة: أنوار الهوصاص