تكمن دوافع جمة وراء مسألة تحرير المادة من قيود الجاذبية وإتاحة إمكانية التحكم بها. هذه الدوافع كانت ولا تزال تمثل حلما مشتركا للبشر منذ آلاف السنين. إن التخلص من الجاذبية فكرة مخطوطة في الأساطير، ومنشودة من طرف الفيزيائيين، وحاضرة بقوة في أفلام الخيال العلمي.
لقد طمح الباحث “Rehmi Post” بتعاون مع “Jinha Lee” إلى خلق فضاء حيث يمكن تجربة وعيش لحظة من هذا الحلم المستقبلي المنشود منذ القدم، فضاء حيث تتحرر المادة من قيود الجاذبية، ويصبح التحكم فيها ممكنا عبر تقنيات الحوسبة. إن “ًZeroN” على وشك تحرير المادة من قيود المكان والزمان، وذلك عبر مزج العالمين: المادي والرقمي.
“ZeroN ‘’” هو جسم تفاعلي مادي/رقمي جديد قابل للاسترفاع (Levitation) والتحريك بكل حرية بواسطة الحاسوب في فضاء ثلاثي الأبعاد. يمكن للإنسان والحاسوب تحريك زيرون، وبهذا يصير تفاعل البشر والحواسيب مع بعضهم البعض ممكنا في فضاء ثلاثي الأبعاد. بإمكان مستخدمي زيرون القيام بتحريكه كأي جسم آخر وعلى أي سطح كان. ما إن يسترفع ويسبح في الجو، حتى تصير البرمجة الرقمية لسلوك “زيرون” ممكنة. فمثلا، يمكن لمستخدميه أن يستعملوه كشمس ترسل ظلالا رقمية فوق الأجسام المادية، أو ككوكب يدور حسب شروط المحاكاة المادية.
بإمكان “ZeroN” تذكر الطريقة التي تم تحريكه بها فيمكن من تجميع حركات المستخدم بواسطته، لتتم إعادة محاكاتها مرارا وتكرارا. عندما نقوم بتحريك و إطلاق “ZeroN”، فإنه يظل سابحا في الجو متتبعا نفس المسار المسجل سابقا.
من نقطة استرفاع إلى فضاء استرفاع:
من أجل إنجاز فضاء تفاعلي مماثل، قام الباحث بتطوير نظام تحكم مغناطيسي بوسعه رفع وتحريك مغناطيس في حجم ثلاثي الأبعاد محدد مسبقا، بالإضافة إلى نظام للتتبع و العرض البصري، والذي يقوم بعرض صور على الجسم المسترفع. إن الاسترفاع التقليدي يسمح برفع الأجسام المادية إلى نقطة واحدة فقط، إلا أنه بواسطة مشروع “ZeroN”، سيتسنى لنا تحريك الجسم المسترفع إلى أي مكان داخل فضاء ثلاثي الأبعاد محدد مسبقا، وتركه معلقا في الهواء دون أن يسقط، لأن النظام يقوم بعمليات إعادة ضبط مغناطيسية وميكانيكية باستمرار. إن هذا الأمر عبارة عن تحويل فضاء ثلاثي الأبعاد إلى فضاء استرفاع.
ترجمة و إعداد: استيتو فاطمة
التدقيق اللغوي: علي توعدي