يعتقد العلماء أنه بعد الانفجار العظيم بحوالي 000 100 سنة، اجتمعت كل من ذرتي الهيليوم و الهيدروجين في جزيئة أطلق عليها اسم “هيدريد الهيليوم” و كانت هي أول الجزيئات المشَكَّلَة في بدايات الكون.
سنة 1925، استطاع العلماء إنشاء جزيئة “هيدريد الهيليوم” في المختبر بجعل الهيليوم يشارك أحد إلكتروناته مع أيون الهيدروجين. غير أنهم لم يتمكنوا من رصدها في الفضاء إلا بعد عقود من البحث.
من الجلي أن هدفهم لم يكن رصد أول الجزيئات المشَكَّلَة في الكون لانها وَلَّت منذ زمن بعيد. بدلا من ذلك، توجهوا لدراسة أماكن في الفضاء تتميز بخصائص مشابهة لخصائص الكون في بداياته.
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، اكتشف العلماء المكلفين بدراسة السديم “NGC 7027” الذي يبعد عن كوكب الارض بحوالي 3000 سنة ضوئية أنه قد يشكل بيئة ملائمة لتكون هيدريد الهيليوم. إلا أن التلسكوبات الفضائية المستخدمة حينها لم تكن مزودة بتقنيات تسمح بانتقاء إشارة “هيدريد الهيليوم” وسط مزيج من الجزيئات في السديم المدروس، الشيء الذي جعل عملية رصد هذه الجزيئة صعبة شيئا ما.
اتخذت بحوث العلماء مسارا جديدا حينما لجؤوا سنة 2016 إلى استخدام أحد أكبر المراصد الطائرة في العالم: مرصد الستراتوسفير للأشعة تحت الحمراء، التابع لوكالة الفضاء النازا الامريكية، المعروف باسم “SOFIA”، وهو عبارة عن طائرة بوينغ مزودة بتلسكوب قطره 269.24سم. على خلاف غيره من التلسكوبات، يمكن ل”صوفيا” الرجوع للارض بعد كل رحلة، وذلك ليتمكن العلماء من تحديث أدواته و تزويده بتقنيات جديدة.
وقد قام العلماء مؤخرا بتحديث جهاز الاستقبال الالماني للترددات التراهرزية للمرصد، حيث تم تزويده بقناة خاصة لكشف “هيدريد الهليوم”. يعمل الجهاز كأجهزة استقبال الراديو، أي أن العلماء يضبطون تردد الجزيئة (موضوع الدراسة) كما يضبطون ترددات مذياع FM على المحطة المرغوب فيها.
و في رحلة ليلية على متن “صوفيا” استطاع العلماء تحليل البيانات من جهاز الاستقبال ليتوصَّلوا أخيرا بإشارات “هيدريد الهيليوم”
المصادر: