المغرب العلمي

تسممات الباراسيتامول

يدخل الباراسيتامول في تركيب الكثير من العقاقير الدوائية الأكثر استعمالا من طرف جميع الأعمار، لأنه لا تلزم وصفة طبية لشرائه، ولخصائصه الفعالة؛ فهو مسكن للآلام ومضاد للحمى، ويسهل على الأمهات التطبيب الذاتي في ساعات متأخرة من الليل. لكن وبالرغم من الدور الهام الذي يلعبه الباراسيتامول في حياة كل فرد، إلا أن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية يفيد أن واحدا في المئة من حالات التسمم الدوائية المبلغ عنها كان سببها الباراسيتامول ومشتقاته؛ فبعد امتصاصه على مستوى الجهاز الهضمي يُستقلب من طرف الكبد الذي يقوم بوظائف هامة في عملية طرح المواد الخطرة والسامة من الجسم. ويوجد عدد كبير من الأنزيمات الفاعلة التي تساعده على القيام بهذه المهمة، حيث تعمل على إحداث تغيرات كيميائية تمكن من إفراز المواد الخطرة والسامة من الجسم عبر الجهاز البولي والإخراج. فالباراسيتامول يمر بعدد من هذه التغيرات، إذ يتبقى منه ما يقدر بـ 2% في الجسم على صورة مادة سامة مضرة بالكبد تعرف باسم (N – acetyl – p – benzoquinone imine NAPQI). إن كمية هذه المادة التي تبقى في الجسم تكون قليلة عند الاستعمال المرشد وبالجرعات الدوائية المسموحة لمادة الباراسيتامول، وعادة ما تُطرح من الجسم بسرعة، لكنها وإذا ما توفرت كمية أكبر منها بالجسم فإنها تُحدث ضررا للكبد وتسمما.

إن الخطر الذي يهدد مستهلكي الباراسيتامول كمسكن يومي ومخفف من ضغط العمل في نهاية اليوم، هو أنه يسبب تسممات لا تحمد عقباها؛ بالنسبة للأطفال تقدر الجرعة السامة بـ 135 مليغرام في الكيلوغرام، أما البالغين فمن 8 إلى 10 غرامات، وفي حالة الاستقلاب المنشط (كحول، تحريض أنزيمي…) تقدر بـ 100 مليغرام في الكيلوغرام.

من أجل دراسة أعمق للتسممات الممكن حدوثها، سوف نتحدث عن نوعين منها: تسمم حاد وتسمم مزمن.

يُقسم التسمم الحاد إلى ثلاث مراحل:

أما التسمم المزمن، فإن تناول ثلاثة غرامات في اليوم من الباراسيتامول لمدة سنة كفيل بحدوث اختلال كبدي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تصل لتليف الكبد. إن الوقاية خير من العلاج، لذا يجب على المستهلك أن يعي خطورة الإفراط في جرعات الباراسيتامول، وأن يتناول الدواء بصفة عامة عند الضرورة القصوى.