تاريخ العلوم (مقدمة)
يعتبر تاريخ العلوم جزءا لا يتجزأ من تاريخ الإنسانية، ساهمت في صنعه جميع الأمم بدرجات متفاوتة و على مر العصور. تاريخ يوضح درجة ارتقاء الإنسان بعقله و مستوى إدراكه لأهمية المعرفة والمضي قدما لتحقيق كل تقدم منشود. وعند كل ٱستقراء لتاريخ العلوم، بعيدا عن ضروب الهوى و التحيز، كان هناك دائما ٱرتباط وثيق بين تاريخ حضارات الإنسان عبر آلاف السنين، ليصبح في النهاية تراثا مشتركا للإنسانية كلها. كما نجد أن فلسفة العلوم معنية في جزء كبير منها بتتبع نمو المفاهيم و الأفكار العلمية، و مهتمة بما قدمه العلماء من نظريات و تقنيات أو حلول لمختلف القضايا التي واجهتهم، وفق منهج تحليلي يهدف الى وضع الحقائق في نصابها المقبول عقليا و الممكن تاريخيا و منطقيا.
التعرف على تاريخ العلوم مهم جدا باعتباره خارطة طريق نقتفي من خلالها الأثر، إن شئنا العمل و مواجهة القضايا العلمية التي تواجهنا و ستواجهنا مستقبلا. قضايا قد لا يكون جوهرها جديدا تماما، فقد تكون في ما مضى حقائق يمكن أن تغدو مفيدة لحاضرنا. من هنا، إن الأمانة في التأريخ لأي علم من العلوم تقتضي أن نتتبع مراحل تطوره مند نشأته، لكي نقف على كيفية نموه و تدرجه، و نتعرف على ما قام به المهتمون بهذا العلم من اكتشافات أحدثت هذا النموذج الذي نعيشه اليوم. فالإهتمام المتزايد على مستوى العالم بالقضايا المرتبطة بالتراث عامة وبتاريخ العلوم خاصة، يوضح و بجلاء حاجتنا الملحة الى إعادة قراءة التاريخ في ضوء ما ٱستجد في تطور الفكر حوله، هاته القراءة التي على أساسها يحلل الواقع، و تستشرف آفاق المستقبل
و في هذا الإطار، و وعيا منا في المجتمع العلمي المغربي بأهمية تاريخ مختلف العلوم، إضافة طبعا الى ما ٱستجد منها على مستوى العالم، من خلال ما نتطرق إليه في مقالاتنا عن آخر ما وصل اليه العلم الحديث من اكتشافات و منجزات تشمل جل المجالات، سنتطرق في المقالات القادمة لتاريخ مختلف العلوم كالكيمياء و الفيزياء و الرياضيات و علم الفلك، علوم سنسبر أغوارها من خلال تطرقنا لأصولها، مؤسسيها، أهدافها، إضافة الى مساهمة حضارات كثيرة في تقدمها.