عرفت الفيزياء منذ بدايات دراستها تطورات عديدة ونظريات مختلفة، تشكل في مجملها قصصا جميلة يسر المجتمع العلمي المغربي تقديمها لكم في هذه السلسلة من المقالات. سنحاول الإلمام بشكل مختصر وبسيط بكل ما هو مفيد ومهم في الفيزياء، منذ الانفجار العظيم إلى ثورة الفيزياء الكمية.
الزمن: ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد
قال الرئيس الأمريكي بينجامين فرانكلين ذات يوم: “لا تخفوا مهاراتكم، فهي تستحق الإستعمال. فلا تصلح الساعة الشمسية لأي شيء في الظل”.
تساءل الإنسان منذ الأزل عن ماهية الوقت. فقد اهتم فلاسفة الإغريق بالخلود، كما أن مفهوم الوقت كان دائم الحضور في جميع الديانات والثقافات. وتعد الساعة الشمسية من أقدم أدوات قياس الوقت. حيث من المحتمل أن الإنسان القديم لاحظ تغير طول ظله مع حركة الشمس. وتعود أول ساعة شمسية إلى 3300 سنة قبل الميلاد، حيث نُحتت في إحدى أحجار مجموعة “نوث” الكبيرة (Knowth Great Mound) بإيرلندا.
ويمكن صنع ساعة شمسية ببساطة عبر غرس عصا في الأرض. سيدور ظل العصا في النصف الشمالي للكرة الأرضية في اتجاه عقارب الساعة ويمكن استعمال مواقع الظل لقياس مرور الزمن. ولزيادة دقة القياس، يجب توجيه العصا جهة القطب الشمالي السماوي، أو جهة النجمة القطبية تقريبا، لأن هذه الطريقة تضمن عدم تغير ظل العصا عبر الفصول.
ويبقى أحد أشهر أشكال الساعات الشمسية ما نراه في الصورة. حيث يحتوي الإطار على إشارات للساعة تفصل بينها مسافات مختلفة، نظرا لاختلاف حركة الظل حول مركز الساعة الشمسية. ونجد غالبا هذا النوع من أدوات قياس الزمن مستعملا للتزيين والتأثيث في بعض الحدائق.
وقبل ظهور الساعات اليدوية صدرت عدة نماذج صغيرة لساعات شمسية قابلة للثني ومزودة ببوصلة صغيرة للإشارة إلى الشمال، يمكن وضعها في الجيب.
وتبقى الساعات الشمسية غير دقيقة في قياسها للزمن بسبب عدة عوامل أهمها تغير سرعة دوران الأرض حول الشمس.
نترككم في الأخير مع إحدى جمل شاعر القرن السابع عشر أنجيلوس سيليسوس (Angelus Silesius)، الذي فكر في إمكانية إيقاف الزمن عبر قوى التركيز الذهني:” أنتم من يصنع الزمن، تتواجد دقات الساعة في رؤوسكم. بمجرد ما تقلعون عن التفكير، سيتوقف الزمن”.
إعداد: أسامة الحمزاوي
التدقيق اللغوي: رشيد لعناني
المصدر: إعتمدنا في إنجاز هذه السلسلة على كتاب “أجمل كتاب للفيزياء” لكليفورد بيكوفر إضافة إلى بعض الاجتهادات والمقالات التي نعتبرها مهمة وداخلة في إطار السلسلة.