عرفت الفيزياء منذ بدايات دراستها تطورات عديدة ونظريات مختلفة، تشكل في مجملها قصصا جميلة، يسر المجتمع العلمي المغربي تقديمها لكم في هذه السلسلة من المقالات. سنحاول الإلمام بشكل مختصر وبسيط بكل ما هو مفيد ومهم في الفيزياء، منذ الانفجار العظيم إلى ثورة الفيزياء الكمية.
القصة رقم 4: سلاح القاذف
الزمن: 30 ألف سنة قبل الميلاد
اكتشفت الشعوب القديمة تقنيات مختلفة للقتل لعل أهمها استعمال القاذف المسمى “أطلاطل” (Atlatl). ويشبه هذا السلاح عصا خشبية تحمل في أحد أطرافها جزءا معقوفا يتيح استعمالها باعتماد المبدأ الفيزيائي للرافعة. ويستطيع الإنسان رمي سهم باستعمال سلاح القاذف إلى مسافة تصل لمائة متر بسرعة تجاور 150 كيلومترا في الساعة، حيث يصبح السلاح امتدادا لذراع الإنسان ويمنحه قوة وسرعة إضافيتين.
وقد كان هذا السلاح معروفا لدى الهنود الأمريكيين قبل اثني عشر ألف سنة، كما أن سكان أستراليا الأصليين كانوا يستعملون سلاحا مشابها يطلقون عليه اسم “ووميرا” (Woomera). ويعود اسم “أطلاطل” (Atlatl) إلى شعوب الأزتيك التي عاشت في المكسيك إلى حدود القرن السادس عشر، والتي اعتمدت على سلاح القاذف لاختراق ذروع الغزاة الاسبانيين، ونشر الرعب في صفوفهم.
يتكون سلاح القاذف من عصا يبلغ طولها 60 سنتمترا مزودة بطرف معقوف يستعمل لتثبيت سهم لا يتجاوز المتر والنصف. ويرمي صاحب السلاح سهمه بحركة دائرية من يده وذراعه تشبه الحركة المعتمدة في رمي كرات التنس.
ومع تطور سلاح القاذف أدخلت الشعوب التي تستعمله تقنيات وأفكارا جديدة لتحسين قدراته، حيث اكتشفوا قابلية المواد المرنة لتخزين وتحرير الطاقة بفاعلية أكبر، كما زودوا العصا بأوزان حجرية صغيرة تساهم في ثباته وسرعته (مثل أوزان عجلات السيارات)، وتقلل من الصوت الصادر عنه، بهدف التخفي والتكتم على عملية الرمي.
نشير أخيرا لوجود جمعية تسمى الجمعية العالمية لسلاح “أطلاطل” (Atlatl)، تقوم سنويا بتنظيم مسابقات دولية تجذب العديد من المهتمين بالأسلحة القديمة، وخصوصا سلاح القاذف.
المصدر: اعتمدنا في إنجاز هذه السلسلة على كتاب “أجمل كتاب للفيزياء” لكليفورد بيكوفر إضافة لبعض الاجتهادات والمقالات التي نعتبرها مهمة وتدخل في إطار السلسلة.
من إعداد: أسامة الحمزاوي
التدقيق اللغوي: علي توعدي.