المغرب العلمي

العلم إلى أين ….؟

إن المتتبع لتاريخ العلوم و لتاريخ الإنسانية عموما، يقف بلا شك مذهولا أمام انجازات العقل البشري، هذا العقل الذي تطور وحقق أشياء كانت إلى عهد قريب تدرج في خانة المستحيلات. العلم يتقدم شيئا فشيئا بخطى ثابتة وواثقة ويكتسح الميدان. نظرة عن كثب إلى أخر المستجدات في العقل العلمي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العلم دشن مرحلة جديدة في تاريخ البشرية، وأن لا أحد بإمكانه إيقاف هذا التطور. لكن إلى متى سيستمر العلم في التطور ؟ هل سنصل يوما إلى مرحلة الإشباع العلمي، بأن نكون قد اكتشفنا وأوجدنا كل شيء؟

سنة 1900 قال الفيزيائي ويليام طومسون  بأن القوانين الفيزيائية الأساسية قد اكتشفت كلها، وكلما تبقى هو مجرد قياسات يتم تدقيقها. طومسون جانب الصواب كثيرا في قولتها هاته. فبعد خمس سنوات فقط، نشر ألبرت اينشتاين ستة أوراق قلبت مفاهيم العالم الكلاسيكي، إنها النظرية النسبية. والأكيد أن اللورد طومسون لم يستوعب مبادئ النسبية فالقدر لم يمهله كثيرا حيث فارق الحياة بعد سنتين من نشر النسبية التي كانت تصنف في خانة الغموض بالنسبة للمجتمع العلمي آنذاك. من ينظر إلى النسبية سيقول بأنها آتت بكل شيء، لكنها لم تكن كذلك. انه التطور العلمي الذي لن يتوقف وسيستمر باستمرار الإنسانية. مادام هناك حياة على هذا الكوكب أو غيره ستكون هناك حاجة. والحاجة هي الدافع الأساسي لأي اكتشاف وبحث علمي.
ما الذي يسعى إليه العلم بالضبط؟ إنه يسعى إلى السيطرة الكلية على الكون وتسخيره لخدمة البشرية. وسيستمر التقدم العلمي إلى أن يتحقق هذا الهدف. ربما يظن البعض أنه درب من دروب الخيال، لكنه ليس كذلك انه أقصى طموحات العلم. إن ما تحقق في مائة سنة الأخيرة من تطور العلوم كان من الخيال العلمي الصرف. في مائة سنة فقط انتقلنا من السيارة البخارية إلى إرسال المركبة ”كريوزتي  ” إلى سطح المريخ. الأكيد أنه قبل مائة سنة لم يكن أحد يظن أن غزو البشر للفضاء سيتحقق يوما، لكنه تحقق ومازال في بداياته. الأكيد أننا سنصدم بشدة إذا ما حاولنا تصور ما الذي يخفيه لنا المستقبل من الاكتشافات العلمية تماما كما سيصدم سقراط و نيوتن و ماكسويل إذا ألقوا نظرة على ما وصلنا إليه هذه السنة.  
مازال العلم في بداياتها، مازلنا لانجهل الكثير و الكثير عن الكون، لكننا جد محظوظون أننا نعيش في عصر مازالت هناك أشياء لم تكتشف بعد، ففي كل مكان هناك شيء رائع ينتظر أن يُكتَشَف.