من المعلوم أن الطاقة الشمسية ليست حكرا على الخلايا الكهروضوئية التي سبق و تطرقنا لها في مقال سابق، إذ يمكن استغلال الطاقة الشمسية بطريقة أخرى تجعل منها طاقة حرارية قبل أن تتحول و تصبح طاقة كهربائية. هذا ما يطلق عليه اسم: الطاقة الشمسية الحرارية. في إطار ” سلسلة الطاقة الشمسية الحرارية المركزة ” التي تدخل ضمن “فقرة الطاقات المتجددة” سنتحدث عن الطاقة الشمسية الحرارية المركزة. سنحاول بداية من خلال هذا المقال تقديم نبذة تاريخية عن هذه التقنية وشرحا مبسطا لكيفية إنتاجها للطاقة الكهربائية.
إعداد: إيمان الصالحي / مراجعة : الحسين اطركي
تعتمد محطات الطاقة الشمسية الحرارية المركزة على لواقط تركيز الطاقة الشمسية. يقوم مبدأ هذه اللواقط على تركيز أشعة الشمس و ذلك بتوجيه تدفق الفوتونات باستخدام مرايا أو مجمعات. هذا المبدأ ليس بالجديد، بل كان يستخدمه الإغريق قديما لإيقاد الشعلة الأولمبية. و هناك أسطورة تروي أن أرخميدس استخدم سلسلة من المرايا الكبيرة لإحراق أسطول الرومان و طردهم من سيراكيوس. كان هذا المبدأ دائما محط البحث و الاهتمام. ففي عام 1747، استطاع بوفون أن يُذَوًبَ قطعة من الفضة (درجة حرارة انصهارها هي 1044 سيليسوس ) وذلك بتركيز أشعة الشمس في نقطة واحدة بواسطة عدة مرايا. كما صنع لافوزييه، في نهاية القرن الثامن عشر، أول فرن شمسي تصل درجة حرارته إلى 1800 درجة سيليسوس وذلك بالاعتماد على نفس المبدأ و لكن بواسطة عدسة سائلة. في عام 1866، صنع أوغستين موتشاوت أول محرك بخار شمسي باستعمال مجمعات القطع المكافئ و حصل في نفس العام اليساندرو باتاغليا الإيطالي على أول براءة اختراع لمجمع للطاقة الشمسية. في السنوات التي تلت، قام كل من جون اريكسون وفرانك شومان بتطوير أجهزة تستخدم الطاقة الشمسية المركزة للري والتبريد والتنقل. في عام 1913، أكمل شومان بناء محطة الطاقة الشمسية باستعمال مجمعات القطع المكافئ بمصر.
شُيًد برج الطاقة الشمسية “سولار1” ذو قدرة 10 ميجاوات في جنوب كاليفورنيا عام 1981، ولكن تقنية مجمعات القطع المكافئ التي احتضنتها محطة الطاقة SEGS المجاورة للمشروع و التي تم تفعيلها سنة 1984، كانت جد عملية و فعالة. اعتُبرت SEGS أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية المركزة في العالم منذ اكتمال أجزائها التسعة، أي منذ 1990، فهي تنتج حوالي 354 ميجاواتا. لكن منذ العام الماضي 2014 لم تعد تعتبر كذلك، حيث اكتمل مشروع Ivanpah، الذي يقع في مقاطعة سان بيرناردينو بكاليفورنيا أيضا و الذي ينتج حوالي 377 ميجاواتا، و بالتالي فإن Ivanpah هي أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية المركزة في العالم. و لا ننسى أنه في المستقبل القريب و بعد اكتمال الأشغال في محطة نور المغربية و تفعيل جميع الوحدات، ستصبح رسميا هي أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية المركزة في العالم بقدرة تصل إلى 500 ميجاواتا.
تختلف محطات الطاقة الشمسية الحرارية المركزة باختلاف لواقط تركيز الطاقة الشمسية المعتمدة. فالمعروف أن هناك نوعان اثنان، حيث يحتوي كل نوع بدوره على تقنيتين أو أكثر. فنجد لواقط التركيز الخطية و لواقط التركيز من خلال البؤرة. وتشمل لواقط التركيز الخطية ومجمعات القطع المكافئ ومرايا فرنيل Fresnel للتجميع. أما بالنسبة لواقط التركيز من خلال البؤرة، فنجد أبراج الطاقة و قرص ستيرلينغ.
خلال المقال القادم من ” سلسلة الطاقة الشمسية الحرارية المركزة “ التي تدخل ضمن “فقرة الطاقات المتجددة” ، سنقوم بشرح دقيق لمبدأ لواقط التركيز الخطية مع إبراز إيجابيات و سلبيات هذه التقنية. فتابعونا