الشعور بالخوف يبدأ من الأنف
حسب دراسة أجريت على الفئران، الشعور بالخوف يؤدي إلى تغيرات تطال حتى الخلايا العصبية الحسية، وليس فقط المناطق اللحائية أو العميقة في الدماغ.
عندما تتعود الفئران على نفس الرائحة التي تعلموا أن تشعرهم بالخوف، تصبح استجابة الخلايا العصبية الشمية أكبر. بالفعل فكمية المبلغات العصبية المتدفقة في البصيلات الشمية، وهذه خاصية السيالات العصبية المرسلة بواسطة العصبونات الشمية، تكون أكبر. ( على اليسار: قبل التعلم؛ على اليمين: بعد التعلم)
Marley Kass et Michelle Rosenthal ©
لدينا جميعا تلك الرهبة من رائحة الغاز في المنزل، والتي تقرن بخطر وقوع انفجار. ما هي شفرة هذا الخوف في الدماغ؟ نعتبر تقليديا أن الشعور بالخوف يحدث تغيرات في مناطق دماغية مختلفة، مثل اللوزة الدماغية (amygdale). وقد أظهرت “Marley Kass” وزملاؤها بجامعة نيوجيرزي في دراسة على الفئران، أن التغيرات تصل حد سلسلة الإدراك والتعامل الحسي: استجابة الخلايا العصبية الشمية تكون أكبر بأربع مرات عند إدراك رائحة تثير الخوف.
وضع اختصاصيون في علم الأحياء العصبي الفئران في حالة استجابة شرطية للخوف من رائحة معينة ، حيث أتبعوا بانتظام نشر الرائحة بصدمات كهربائية في القائمة. تدرك الرائحة بتثبيت جزيئات طيارة على مستقبلات بسطح الخلايا العصبية الشمية، في الأغشية المخاطية التي تكسو داخل الأنف. ترسل هذه الخلايا العصبية سيالة عصبية إلى البصيلات الشمية، ومنها إلى مناطق دماغية أخرى.
قام العلماء بملاحظة البصيلات الشمية وذلك بحفر ثقب صغير- بعد التخدير- في جمجمة الفئران. وقد خضعت هذه الفئران لتعديل وراثي لتتمكن الخلايا العصبية الحساسة تجاه الرائحة التي تعلمتها، من إنتاج تركيبة تدعى synapto-pHluorine، وهي التركيبة التي تثبت على حويصلات تحتوي مبلغات عصبية ( الجزيئات التي تضمن التواصل بين الخلايا العصبية) وتصبح فلورية (مشعة) عندما تطلق في تشابك عصبي. وهكذا، كلما أرسلت الخلايا العصبية الشمية سيالات عصبية، كلما زاد عدد المبلغات العصبية المحررة وزاد الإشعاع الملاحظ في البصيلات الشمية.
لاحظ علماء الأحياء العصبي أيضا أن نفس الرائحة تحفز استجابة الخلايا العصبية الشمية أربع مرات أكثر عندما تعتاد الفئران على الخوف منها. تبين هذه النتائج أن هذا التعلم يغير حتى الخلايا العصبية الحسية ولا يقتصر فقط على المناطق الدماغية التي تصلها المعلومات المدركة، كما كان الاعتقاد سائدا قبل ذلك؛ وهذا لا يقصي أبدا مشاركة بعض البنيات، كاللوزة العصبية.
بالنسبة ل Cyril Herry من المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي (INSERM)، ، تكمن المرحلة القادمة في تأكيد الرابط السببي، مثلا، إذا تم كبح ظاهرة لدونة الخلايا العصبية الشمية: هل سيتوقف الشعور بالخوف؟
اكتشاف هذه الآلية قد يؤدي إلى الرفع من الحساسية تجاه رائحة معينة، وبالتالي رفع التفاعل في حالة الخطر. حسبHerry من المحتمل إيجاد نفس الآلية لدى الإنسان الذي يمتلك جهازا شميا مماثلا، والحصول بالتالي على استجابة شرطية تقترن بالخوف. إنه بالتأكيد يتعرض لاختلال في بعض حالات القلق، كالتوتر النفسي ما بعد الصدمة ، الذي يؤدي بدوره إلى الحذر المفرط والتركيز المبالغ فيه على أي منبه يقترن بالصدمة العصبية.