تشكل الأمراض المعدية تحديا كبيرا للبحث العلمي أمام تفشيها السريع والخطير، وكمثال على ذلك فيروس “الإيبولا” الذي أحدث ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة. كما يعتبر تطوير العقاقير واللقاحات وطرق الحد من انتشار الأوبئة، المهمة الكبرى للباحثين في مجال الطب. فهل يمكن الحديث عن دور الرياضيات في تحقيق ذلك؟
تستعمل الرياضيات لدراسة كيفية انتشار الأمراض المعدية ومدى سرعة تفشيها، كما تسمح بتحديد كيفية تأثر الأفراد بالوباء وكيف يمكن تلقيحهم في حالة وجود لقاح.
لقد وضع أول نموذج رياضي أساسي سنة 1920 في إطار دراسة الأوبئة، و لا يزال هذا النموذج المعروف باسم “SIR” مستعملا إلى يومنا هذا. و لفهم هذه الآلية، تخيل أنه توجد ساكنة معينة (بقرية، أو مدينة، أو بلد معين) مقسمة باسم “SIR”. ثلاثة فئات: ساكنة سليمة مهددة بالتعرض لمرض معين (S, susceptible)، ساكنة مريضة بمرض معين (I, infectious)، و ساكنة تم علاجها بعد الإصابة بالمرض أو توفيت إثر الإصابة به (R, removed from the disease). هناك مجموعة من المعادلات الرياضية التي تصف كيف يمر الأفراد من فئة إلى أخرى بدلالة الزمن وطريقة الإنتقال، و تعتمد هذه المعادلات على احتمال أن يصاب شخص ما بالعدوى على المدى القصير، المتوسط أو الطويل. واحتمال أن يتعافى شخص مصاب أو يتوفى، من خلال مراقبة تصرفات المريض في الواقع و مدى تأثير التدخلات الخارجية (طبية، اجتماعية، وضعية النظافة…).
يمكن تطبيق النموذج الرياضي SIR على جميع الأمراض في حياتنا المعاشة، كما يمكن تعديله ليعطي نتائج أكثر دقة. على سبيل المثال؛ تؤثر بعض الأمراض كأمراض الطفولة ومرض الإيدز، على أشخاص أكثر من غيرهم، لذا يمكن تقسيم السكان الذين يخضعون للدراسة إلى فئات قد تؤثر بشكل دقيق على النتائج النهائية، كما قد تختلف نسبة الإصابة مع الوقت. فمثلا تعلو نسبة العدوى بمرض في الطفولة خلال السنة الدراسية أكثر مما تكون عليه أثناء العطل، لذا يتم تعديل النموذج الرياضي للأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات، بالإضافة إلى أن هناك أيضا أمراض تنتقل عبر الحيوانات مثل الملاريا، و في هذه الحالة تصبح الساكنة شاملة للبشر والحيوانات أيضا، حيث يعتبر نموذج SIR أساسيا لبناء نماذج رياضية أخرى أكثر تعقيدا ودقة.
المرجع: 1