البكتيريا المعوية والبدانة
حسب دراستين ثم القيام بهما من طرف خبراء بالمعهد الوطني للبحوث الزراعية Inra بفرنسا، ثم نشرهما في المجلة العلمية العالمية Nature(Chatelier, et al., 2 0 1 3)، فإن الأشخاص الذين يتوفرون في جهازهم الهضمي على نسبة ضعيفة من النبيت الجرثومي المعوي Gut flora أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالبدانة كمرض السكري، والكوليسترول، وأمراض القلب والشرايين …
النبيت الجرثومي المعوي(Seeley, 2006)
الدراستين اللتين أنجزتا في فرنسا والدانمارك، وتم القيام بهما تحت رعاية المعهد الوطني للبحوث الزراعية (Inra) بفرنسا، وبشراكة مع فاعلين، وخبراء فرنسيين ودوليين، أجريتا في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعا كبيرا في نسبة السمنة، حيث تشير توقعات منظمة الصّحة العالمية لسنة 2015 إلى أن نسبة الأشخاص المعرضين للإصابة بالسمنة يقدر بأكثر من 1,5بليون شخص(who, 2013).
نحو آفاق علاجية جديدة
حسب مدير البحث الدكتور Stanislas Dusko Ehrlich ، الذي قام بالتنسيق بين الدراستين: ” فإن هاتين الدراستين تمكنان من فتح الباب واسعا نحو إقامة كواشف بكتيرية خاصة تساعد على التعرف على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالمرض كما تمكنان من المساهمة في ابتكار أساليب علاجية جديدة تعتمد على البكتيريات كوسيلة لمقاومة الزيادة في الوزن”.
وكغيرها من الأمراض التي تنشأ عن عوامل متعددة، فإن السمنة مرتبطة بعوامل بيئية ( كنمط الحياة وكمية الطعام …) ووراثية. إلا أن هنالك معطيات تؤكد من حين لآخر أن “جينومنا الآخر”، بمعنى آخر البكتيريات التي تستوطن أنبوبنا الهضمي لها دور وتأثير مهم في هذه الحالة.
الكشف عن ستة أنواع بكتيرية
وقد مكنت هاتين الدراستين من الكشف عن مجموعتين من الأفراد تختلفان حسب غنى أو فقر أفرادها بالنبيت الجرثومي المعوي وبقابليتهما للإصابة بالأمراض المرتبطة بالبدانة.وقد اكتشف الباحثون بعد مقارنة المجموعتين أن الأشخاص الذين يتوفرون على نسبة ضعيفة من البكتيريات المعوية (في المعدل،قرابة 360 ألف مورثة بكتيرية في المجموعة الأولى في مقابل 580 ألف في المجموعة الثانية) أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الاستقلاب كارتفاع نسبة الكوليسترول أو مرض السكري، هذا علاوة على الاضطرابات الكبدية و أمراض القلب و الشرايين وبعض السرطانات.
وتمكن الباحثون من تحديد ستة أنواع من البكتيريات تمكن من تصنيف الأشخاص حسب “غناهم” أو “فقرهم” من النبيت الجرثومي المعوي بدقة تقارب 95%. وقد لاحظوا أيضا أن هنالك زيادة مهمة في وزن الأشخاص الذين ينتمون للمجموعة الأولى مع مرور الزمن، وذلك اعتمادا على المعطيات التي ثم التوصل إليها في الدراسة التي أجريت على 292 بالغا من الدانمارك (169 فردا بدينا و 123 فردا غير بدين) تمت متابعة حالتهم منذ سنة 1999. وجدير بالذكر أن هنالك غياب لثمانية أنواع من البكتيريات عند الأشخاص الذين كانت لديهم زيادة في الوزن، مما يشير حسب M. Ehrlich إلى أن “هاته الأنواع تلعب دورا مهما في مقاومة ارتفاع وزن الجسم“.
النظام الغذائي الغني بالألياف
أبانت الدراسة التي أجريت في فرنسا لمدة 12 أسبوعا على 49 شخصا بدينا أو لديهم زيادة في الوزن ، أن النظام الغذائي الغني بالألياف، والفواكه، والخضروات قادر على تحسين التنوع النبيتي الجرثومي المعوي، وفي نفس الوقت المساهمة في الحد من بعض المضاعفات التي تصاحب البدانة.
وحسب بعض الباحثين فإنه من المهم القيام بمجموعة من التجارب والأبحاث لتدعيم النتائج المهمة التي خلصت إليها الدراستين والعمل أكثر على الكواشف النوعية ولما لا الخروج بحزمة من التوصيات الغذائية…
المراجع
Chatelier, E. L., Nielsen, T., Qin, J., Prifti, E., Hildebrand, F., Falony, G., et al. (2 0 1 3, AU G U S T 2 9). Richness of human gut microbiome correlates with metabolic markers. 5 0 0, 5 4 1-5 4 5.
Seeley, M. B. (2006, December 28). Obesity and gut flora. Nature, 444|21, 1009-1010.
who. (2013). Chronic diseases and health promotion. Récupéré sur World Health Organization: http://www.who.int/chp/chronic_disease_report/part2_ch1/en/index16.html