المغرب العلمي

تابعوا برامجنا عبر أثير إذاعتنا

عند استماعنا لبعض محطات الراديو باللغة العربية، تقارع اذاننا احيانا عبارات مثل “تابعوا برامجنا عبر موجات الاثير”، و لن تجد مثل هذه العبارات باللغات الاخرى. فمثل هذه المصطلحات قد بَطُل استخدامها بسبب سقوط فكرة الاثير منذ ما يقارب القرن من الزمان.
فدعونا نتعرف على الأثير و ما هي قصته.
عند الاغريق اطلق اسم الاثير Éther على أحد اهم الآلهة عندهم، و هو يتجسد في السماوات العليا، حيث يوجد هواء نقي و ساخن تتنفسه آلهاتهم الاخرى. و هذا يعكس ان الاغريق كانوا يخشون من الفراغ “فملئوه” بالاثير.
و الشيء العجيب، هو أن هذه الاساطير الاغريقية اثرت حتى في كبار العلماء، مثل اسحاق نيوتن و غيره الى حدود نهاية القرن 19 (ومذيعينا الى الأن 🙂  ). و قد ترسخ اعتقادهم بسبب مجموعة من التجارب بينت مثلا، ان الصوت لا ينتقل في الفراغ، و على هذا الاساس تم تعميم هذه الخاصية لتفسير انتقال مختلف انواع الموجات، بما فيها الاشعة الضوئية (و هي عبارة عن موجات كهرمغناطيسية مثلها مثل موجات البث الاذاعي) .
و لتفسير انتقال الضوء من الشمس الى الارض، اقترح علماء ذلك العصر وجود غاز الايثير  في جميع انحاء الفضاء، وبنوا جميع نظرياتهم على اساس وجود هذا الغاز الغامض، رغم غياب أي إثبات على وجوده. وكلما ظهرت تناقضات في ملاحظات العلماء حول هذا الغاز إلا و جعلوا له خاصية جديدة.
وقد بدأ الشك حول وجود هذا الغاز بعد فشل سلسلة من تجارب ميكلسون ومورلي الشهيرة سنة 1887 ، حيث تم قياس تأثير حركة هذا الغاز على تغير سرعة الضوء حسب حركة دوران الارض حول الشمس، و التي تصل سرعتها الى 30 كلم في الثانية. وهذه محاكاة لتجربة مايكلسون ومورلي.

لتنفيذ التجربة اتبع ما يلي:

بينت هذه التجربة أن سرعة هذا الضوء ثابتة كيفما كانت سرعة المنبع الضوئي أو سرعة تحرك وسط انتشاره.
بعد ذلك ظهر اينشتاين على الساحة، و طرح نظرية النسبية الخاصة والتي من أبرز ما قالته انه ليس هناك سبيل لإثبات السرعة المطلقة لأي جسم متحرك. بل انه لا سبيل أساسا لتبيان الفارق بين حالتي السكون والحركة بسرعة منتظمة في خط مستقيم، مهما قمنا بتجارب و عمل قياسات و حسابات. كما قالت النظرية أن سرعة الضوء ثابتة لا تتغير. و بالتالي لا يمكن إثبات وجود الأثير، وهذه هي النتيجة المباشرة لنظرية النسبية.
و مع بدء غزو الفضاء تأكد العلماء بشكل قاطع من خلو الفضاء من هذا الغاز، و لو كان متواجدا لمنع المسابير الفضائية من بلوغ السرعات الكبيرو التي تسير بها، و لسقطت جميع الاقمار الاصطناعية بفعل الاحتكاك.