شكل اكتشاف بنية الحمض النووي من طرف “واتسون” و “كريك” منذ ما يزيد عن ستين عاما ثورة في معرفتنا للخبر الوراثي، ومنذ ذلك الوقت والى يومنا هذا نعرف جميعا أن الحمض النووي يتشكل على هيئة لولب مزدوج (double helix) وبداخله تتكامل القواعد الازوتية بطريقة خاصة مشكلة شفرات وراثية تترجم في النهاية إلى بروتينات… لكن هذا الحمض النووي لا يزال يخفي الكثير من الأسرار .
في إطار مشروع “موسوعة الحمض النووي” (Encode) الذي يهدف إلى أرشفة كافة مقاطع الحمض النووي عند الإنسان، اكتشف باحثون، من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، أن الشفرة الوراثية كما نعرفها تخبأ في طياتها شفرة اخرى دورها هو تنظيم عمل المورثات. كما هو معلوم فالحمض النووي يحتوي على قطع تشكل المورثات وقطع أخرى تسمح للعوامل المنظمة بالارتباط بالحمض النووي وتنظيم عمله. عند مقارنة هذين النوعين من القطع اكتشف الباحثون ان 15% من القطع تلعب دورين في نفس الوقت: دور أول في تركيب البروتينات ودور ثاني يتمثل في إعطاء التعليمات للخلية لتعديل التعبير الجيني، سمى العلماء هده الجينات بالديون (Duons). هذا يعني أن الشفرة الوراثية يمكن ان تكتب نوعين من المعلومات كما شرح ذلك John Stamatoyannopoulos المشرف على المشروع.
نتائج هذا البحث تعني مثلا ان الطفرات الوراثية التي نعتقد ان نتائجها مرتبطة بالبروتينات فقط، قد تسبب خللا في تنظيم عمل بعض المورثات الأخرى مما سيفتح الباب أمام العلماء لفهم بعض الأمراض بشكل أفضل.