يتكاثر السكان بشكل كبير، و تزدهر المدن و تتطور، وتقل المناطق الخضراء، فهل يمكن أن نرى ناطحات سحاب تتحول إلى حدائق خضراء ومراكز إنتاج محاصيل من فواكه و خضار؟ هل يمكن أن تنقلب الزراعة رأسا على عقب؟
في هذا المقال، من سلسلة “إختراعات مستقبلية”، سنتحدث عن المزارع العمودية التي تعتبر تقنية جديدة واعدة، و طريقة صديقة للبيئة لإطعام العدد المتزايد للسكان في المدن و جميع أنحاء العالم. فماهي المزارع العمودية؟
تكمن فكرة الحدائق العمودية في نقل المزارع و الحدائق إلى ناطحات السحاب و المباني العالية، بمعنى آخر: بدلا من وجود طبقة واحدة من المحاصيل على مساحة كبيرة من الأراضي، ستتحول إلى مجموعة من المحاصيل تسير صعودا، و زيادة المحصول دون زيادة مساحة الأراضي.
وُلدت فكرة المزارع العمودية لدى البروفيسور “ديسبومير”، حسب مقال نشر في موقع “DW” تحت عنوان: “المزارع العمودية: حدائق وحقول معلقة وسط المدن، سنة 2010″، حيث طلب من طلابه قياس مساحات سطوح المباني في حي “مانهاتن”، والتي يمكن تحويلها إلى حقول زراعية. وقد ولَّدت نتيجة الطلاب صدمة الأستاذ والباحث البيولوجي، حيث أظهرت النتائج أن إجمالي مساحات مباني حي “مانهاتن” لا يتجاوز 8 هكتارات فقط، وبالتالي فإن هذه المساحة لا تغطي سوى 2 بالمائة من احتياجات سكان الحي من المنتجات الزراعية إذا زرعت بشكل كامل. ونتيجة لذلك عمد البروفيسور “ديسبومير” إلى طرح فكرة جديدة للبحث، مفادها سؤاله حول: “لماذا لا نوزع المساحات المطلوبة للزراعة على طوابق المباني؟”
تهدف هذه المزارع إلى تفادي المشاكل التي تقع في زراعة المحاصيل الغذائية في الحقول الكبرى، من الجفاف و الأمراض. ويقترح “Dickson Despommier”، عالم البيئة في جامعة “كولومبيا” في مدينة “نيويورك”، و الذي دافع على المزارع العمودية منذ عام 1999، أن تزرع الأطعمة المستهلكة على مدار السنة في المباني الشاهقة و المناطق الحضرية، مما سيؤدي إلى التقليل من انبعاثات الكربون.
و يرى أنصار الزراعة العمودية أنها وسيلة لإطعام سكان العالم الذين تطوروا بسرعة، إذ حسب توقعات الأمم المتحدة، فإن 86% من سكان العالم سيعيشون في مدن متقدمة بحلول 2050. و يمكن أن تجعل الزراعة العمودية الأغذية أكثر أمانا، إضافة إلى أن الإنتاج سيستمر حتى في وجود حالات طقس غير ملائمة. و كما أن المزارعين حريصون على حماية محاصيلهم من الآفات، فالزرعة العمودية لا تحتاج لمبيدات الحشرات أو الحشائش، كما أنها تحافظ على المياه بشكل أفضل بكثير من الطريقة التقليدية في الزراعة.
إعداد: نبيل رضوان
التدقيق اللغوي: علي توعدي
الصورة: 3