أوروبي بعيون زرقاء وبشرة داكنة
توصل علماء إسبان ودانماركيون إلى تحديد تسلسل جينوم كامل لأحد أسلاف الإنسان عثر على رفاته في موقع برانا أرينتيرو Brana-Arintero بليون. هذا التعاون العلمي كشف عن مفاجأة مذهلة: الإنسان الصياد الذي كان يعيش في أوروبا منذ 7000 سنة كان ذا بشرة داكنة وعيون زرقاء. نتائج هذا البحث نشرت بمجلة Nature في 26 من يناير 2014.
وضع الباحثون نموذجا لهذا الإنسان مكن من معرفة المزيد عن أوروبيي العصر الحجري الوسيط (الفترة الممتدة من 10000 ق-م إلى 5000 ق-م، بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث؛ قبل ظهور الزراعة وتربية الماشية). يقول كارل لالويزا فوكس، أحد المشاركين في البحث وباحث في معهد البيولوجيا التطورية التابع للمجلس الأعلى للأبحاث العلمية وجامعة بومبو فابرا: “إنها المرة الأولى التي ننجح فيها في تجميع جينوم كامل لإنسان أوروبي من العصر الحجري الحديث”. وقد تم اكتشاف خصائص متعددة بفضل دراسة الجينوم، من بينها لون البشرة الداكن والعيون الزرقاء.
صرح الباحثون بأنه قبل إجراء هذه الدراسة كان الاقتناع السائد هو أن البشرة الفاتحة للأوروبيين الحاليين تعود إلى العصر الحجري الأول، وأنها تطورت خلال 45000 سنة، بينما وُجدت في جينوم الإنسان قيد الدراسة، والمعروف تحت إسم برانا 1، المورثات المسؤولة عن اللون الداكن لبشرة الإنسان الصياد الأفريقي. الأمر الذي يبعث على الدهشة هو أن برانا 1 يملك أيضا الطفرة المسؤولة عن اللون الأزرق للعيون، والتي بقيت هي نفسها منذ العصر الحجري الوسيط إلى الوقت الحالي. يقول كارل لالويزا فوكس في هذا الصدد: “إنه أمر مدهش وصادم، فرغم أننا نعلم أن الطفرة الوراثية المسؤولة عن البشرة الفاتحة وتلك المسؤولة عن العيون الزرقاء تأتيان من مورثات مختلفة، فإننا ننطلق عادة من مبدأ أنهما تجتمعان معا. وتركيبة العيون الزرقاء والبشرة الفاتحة غير شائعة في أوروبا حاليا”.
يشير الباحثون إلى أن الهدف من هذه الدراسة كان هو ملاحظة كيف أن مجيء الزراعة التي تزامنت مع أنماط عيش أكثر استقرارا، ومع تغير في النظام الغذائي وظهور أمراض مرتبطة بالحيوانات الأليفة، استطاعت أن تؤثر في تشكيل جينوم الساكنة الأوروبية. ولم يكن من الممكن القيام بهذه الدراسة لولا حالة الحفظ الجيدة لبقايا برانا 1، والتي اكتشفت سنة 2006 بموقع برانا أرينتيرو La Brana-Arintero. هذه الحفريات تقع في مغارة على علو 1500 متر، في منطقة باردة من جبال كانتابريك.
سيتابع الباحثون الإسبان أبحاثهم خلال سنة 2014 على الأفراد المتواجدين بموقع برانا أرينتيرو. يقول إينيغو أولالد، أحد المشاركين في البحث نفسه: “إن غاية فريق بحثنا هو محاولة العثور على جينوم لإنسان آخر (برانا 2) وجد رفاته في الموقع لكن في حالة حفظ سيئة”.