اكتشفت أكثر من 400 مستحاثة لكائنات متعددة الخلايا بالحوض الرسوبي بفرانس فيل بالغابون. هذا النظام البيئي البحري الغني الذي يرجع إلى 2.1 مليار سنة أصبح بالإمكان معرفة المزيد عنه.
يعد محجر فرانس فيل استثنائيا من جميع النواحي. فالمستحاثات متوفرة بكثرة ومحفوظة بعناية. هذا لأن الحوض الرسوبي لفرانس فيل لم يتعرض كثيرا للنشاط التكتوني. إنه الحوض الرسوبي الأكثر حفظا في العالم لهذه الفترة.
توجد المستحاثات داخل طبقات رسوبية من الطين الأسود الغني بالمواد العضوية. وقد استخلص منها الجيولوجيون الخاصيات البيئية للمنطقة في تلك الحقبة: وسط بحري قليل العمق وغني بالأوكسجين، وهذه شروط كافية لتطوير أنماط حياة مركبة ومنظمة.
خلال حملات البحث الأولى، اكتشف فريق الألباني 250 مستحاثة. وقد أكد تحليل بعض العلاقات النظائرية ( كربون، كبريت) أن الأمر يتعلق ببنيات عضوية. بالنسبة للتأريخ، فقد بينت عدة طرق بالنظائر المشعة أن هذا النظام البيئي ظهر منذ حوالي 2.1 مليار سنة.
إلى حدود اليوم، وبعد عدة سنوات من البحث الميداني، تمت دراسة 400 عينة. وقد اهتم الباحثون أيضا بعملية التحجير. أوضحوا أن عملية تحول المادة العضوية إلى بيريت (كبريتيد الحديد الثنائي أو سلفيد الحديد( بفعل نشاط بكتيري، تمت بسرعة. هذا ما سمح بالحفاظ على تفاصيل دقيقة من بنية هذه المستحاثات الكبيرة، التي يتراوح حجمها بين 1 و 17 سم.
استعمل فريق الألباني التصوير الشعاعي الطبقي المجهري بالأشعة السينية، لدراسة المورفولوجيا (علم التشكل) وكذلك البنيات الداخلية والخارجية للمستحاثات. هذه الأخيرة تتخذ عدة أشكال: فصوص كروية أو ممددة، أقراص و تكدسات لكريات صغيرة. تذكر بنية البيريت بتركيبات هلامية ورخوة، متجانسة أو ذات حبيبات. ويشير حجم وبنية المستحاثات إلى أن هذه الكائنات كانت متعددة الخلايا. في نهاية هذا الجرد تأتي مستحاثات دقيقة مفحمة بقياس 50 إلى 80 ميكرومتر.
حسب ما يشير إليه الموقع الأسترالي، فظهور كائنات متعددة الخلايا على الأرض قد يكون سابقا بحوالي 1.5 مليار سنة. قد تكون الكائنات الغابونية ظهرت بفعل أول ارتفاع مفاجئ لمقدار الأوكسجين في الجو وفي المياه قليلة العمق، منذ حوالي 2.3 إلى 2 مليار سنة. هذه الظاهرة شبيهة بتلك المسماة “الانفجار الإدياكاري”، التي حدثت منذ 600 مليون سنة، والتي نتج عنها ظهور حيوانات العصر الإدياكاراوي، الذي أصبح يعرف فيما بعد بأستراليا. غير أن أول ارتفاع للأوكسجين لم يدم أكثر من 200 إلى 300 مليون سنة. فقد انخفض تركيز الأوكسجين في الهواء بعد ذلك، مما يكون قد أدى إلى انقراض كائنات الحوض الغابوني.