يشرح الباحث آلان برادل، من المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، أنه “مند البدء، اعتبرت أسماك القرش بمثابة الناجين الأكثر بدائية من الفقاريات الفكية”، ويستطرد في شرحه مؤكدا أن الباحثين يعتبرون أسماك القرش كحفريات حية لعدم تطورها. وقد أجريت دراسة جديدة، نشرت نتائجها ضمن مجلة Nature تفند هذا الادعاء وتؤكد على كون أسماك القرش مخلوقات حديثة، على درجة عالية من التخصص وليست مطلقا بالبدائية.
هذه الدراسة تستند على وصف أحفورة سمكة قرش محفوظة بشكل غير مسبوق وقديمة ب 325 مليون سنة، كانت قد وجدت في ولاية أركنساس (الولايات المتحدة) التي كانت آنذاك تشكل حوضا محيطيا غنيا بالنظام الإيكولوجي البحري.
وتنتمي هذه الأحفورة لنوع من أسماك قرش بدائية سميت بـ Ozarcus mapesae. ولأن هياكل أسماك القرش مكونة من غضروف وليس من عظام، فإن الأحفورات أو المتحجرات هشة للغاية ولا تسمح بدراسة هياكلها الداخلية. ويبقى الغريب والمدهش في الأمر، أنه تم الحفاظ على هذه العينة بشكل ملحوظ وفي أبعادها الثلاثة، متيحه بذلك نظرة نادرة لحيوان قديم.
و قد تمكن الباحثون أيضا من دراسة تنظيم الأقواس الخيشومية، وصفوف الغضروف التي تدعم الخياشيم.
وقد عمل الباحث آلان برادل، بمعية باحثين من مؤسسة إشعاع السنكروترون الأوروبي ESRF، على تصوير الأقواس الخيشومية لـ Ozarcus بالأشعة السينية. ونتيجة لهذا التصوير، يؤكد الباحث أن “تموضع الأقواس الخيشومية مغاير لما هو عليه عند أسماك القرش الحديثة أو عند الأسماك الغضروفية ذات الصلة”. بالنسبة للباحث، فإن هذه الأحفورة هي تركيبة جديدة من الميزات منها ما هو قريب لما تم وصفه في الأسماك العظمية: وهو الحال بالنسبة للأقواس الخيشومية الحشوية المماثلة للأقواس عند الأسماك العظمية.
كانت لهذه النتائج تداعيات هامة لفهم تطور الأسماك الغضروفية، وبالأخص عندما تؤخذ بعين الاعتبار مع النتائج الأخيرة الأخرى المتعلقة ببداية تاريخ الفقاريات الفكية. ومن بين تلك الدراسات وصف سمكة قديمة ب 400 مليون سنة تم التحدث عن اكتشافها في Sciences et Avenir وذلك سنة 2013.
ويحلل الباحث جيل كوني، من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك ومؤلف كتاب عن تطور أسماك القرش(1)، هذه الدراسة مؤكدا أن “هذه الدراسة تفترض أن الأسماك الغضروفية قد فقدت هياكلها العظمية، ممثلة بذلك مرحلة من تطرو الأسماك”. ويستطرد قائلا: “إن أسماك القرش لا تمثل بتاتا نموذج الفقاريات البدائية الذي غالبا ما يتم وصفه”.
ويعتبر الكُتاب، الذين توصلوا لنفس النتائج، “أنه ليس من المستغرب أن أسماك القرش (والتي كانت موجودة منذ 420 مليون سنة)، قد تكون خضعت لمراحل من التكيفات التطويرية.”
(1) أسماك القرش، ما قبل التاريخ الى يومنا هذا, بلان.