أبو بكر محمد بن زكريا الرازي
طبيب مشهور، تعلم الطب بعد أن جاوز الثلاثين من عمره، فكان إماما في علم الطب، أول من ابتكر خيوط الجراحة، وأول من فرَّق بين النزيف الوريدي والنزيف الشرياني، واستخدام الضغط بالأصابع لإيقاف النزف الوريدي، واستخدم الربط لإيقاف النزيف الشرياني، وأول من استخدم الأفيون في علاج حالات السعال الجاف، من أذكياء أهل زمانه، شاعر،ألف كتباً كثيرة، وكان صاحب مروءة وإيثار ورأفة بالمرضى، واسع المعرفة، مكبا على الاشتغال، مليح التأليف، كثير الأسفار.
ولد بمدينة الري- تقع على بعد ستة كيلو مترات جنوب شرقي طهران – سنة 250 هـ
أخذ عن البلخي الفيلسوف، وعن على الحكيم أبي الحسن علي بن ربن الطبري صاحب كتاب: فردوس الحكمة وهو أول موسوعة طبية في العالم.
وكان مديرا لمستشفى الري، الذي عرف بكونه أهم مستشفى في العالم الإسلامي حيث كان يدرس فيه طلابه ويشرف على غيره من الأطباء والصيادلة، فلما داع صيته واشتهرت نجاحاته صار مديرا لمستشفى بغداد.
وإن عضد الدولة استشاره في الموضع الذي يجب أن يبنى فيه المستشفى، فأمر بعض الغلمان أن يعلق في كل ناحية من جانبي بغداد شقة لحم، ثم اعتبر الموضع الملائم هو الموضع الذي لم تتغير فيه شقة اللحم بسرعة.
ترك رحمه الله مؤلفات كثيرة منها :
– الحاوي: وهو من الكتب الكبار، يدخل في مقدار ثلثين مجلداً، وهو عمدة الأطباء في التنقل منه والرجوع إليه عند الاختلاف.
– الجامع: وهو أيضاً من الكتب الكبار النافعة.
– المنصوري: المختصر المشهور، وهو – على صغر حجه – من الكتب المختارة، جمع فيه بين العمل والعلم ويحتاج، وكان قد صنفه لأبي صالح منصور بن نوح بن نصر بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، أحد الملوك السامانية، فنسب الكتاب إليه.
– الأعصاب وهو أيضاً كبير الحجم.
– الطب الروحاني.
– إن للعبد خالقا.
– المدخل إلى المنطق.
– هيئة العالم.
– مقالة في اللذة.
– طبقات الابصار.
– الكيمياء.
كما عرف بالحكمة في الطب، فمن حكمه:
– مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية
– مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب
– إذا كان الطبيب عالماً والمريض مطيعاً فما أقل لبث العلة
– عالج في أول العلة بما لا تسقط به القوة.
– الاستكثار من قراءة كتب الحكماء، والإشراف على أسرارهم، نافع لكل حكيم عظيم الخطر.
– ينبغي للطبيب أن يوهم المريض أبداً الصحة ويرجيه بها، وإن كان غير واثق بذلك فمزاج الجسم تابع لأخلاق النَّفْس.
وكانت له قصص جميلة في الطب منها ما ذكره القاضي التنوخي في كتاب ” الفرج بعد الشدة ” في باب من اشتد بلاؤه بمرض عافاه الله بأيسر سبب وأقاله: أن غلاماً من بغداد قدم الري وكان ينفث الدم، وكان لحقه ذلك في طريقه، فاستدعى أبا بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق، صاحب الكتب المصنفة، فأراه ما ينفث ووصف له ما يجد، فأخذ الرازي مجسه، ورأى قارورته واستوصف حاله منذ ابتداء ذلك به، فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة، ولم يعرف العلة، واستنظر الرجل لينظر في الأمر، فقامت على العليل القيامة وقال: هذا أيأس لي من الحياة لحذق الطبيب وجهله بالعلة، فازداد ما به من الألم، فولد الفكر للرزاي أن عاد إليه فسأله عن المياه التي شربها في طريقه، فأخبر أنه شرب من مستنقعات وصهاريج، فقام في نفس الرازي بحدة الخاطر وجودة الذكاء أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته وأن ذلك الدم من فعلها وقال له: إذا كان في غد جئتك فعالجتك ولم أنصرف حتى تبرأ، ولكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيك لما آمرهم، فقال: نعم؛ فانصرف الرازي فجمع ملء مركنين كبيرين – المركن الإناء الذي تغسل في الثياب – من طحلب فأحضرهما في غد معه فأراه إياهما وقال له: ابلع، فقال: لا أستطيع، فقال للغلمان: خذوه فأنيموه، ففعلوا به ذلك، وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه وأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه شديداً ويسأله ببلعه ويهدده بأن يضرب، إلى أن أبلعه كارهاً أحد المركنين بأسره، والرجل يستغيث فلا ينفعه مع الرازي شيء، إلى أن قال العليل: الساعة أقذف، فزاد الرازي في ما يكبسه في حلقه، فذرعه القيء فقذف، فتأمل الرازي قذفة فإذا فيه علقة، ونهض العليل معافى] .
توفي رحمه الله تعالى سنة 311 هـ.
المراجع:
وفيات الأعيان لابن خلكان ج:5 ص: 157 – 161
سير أعلام النبلاء ج: 14 ص: 354 – 355
عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة ص: 274 – 285
أخبار العلماء بأخيار الحكماء للقفطي ص: 115
أبجد العلوم للقنوجي ج: 3 ص: 114-115
http://islamstory.com/ar/
إعداد: محمد ايت عدي