هل حان موعد نهاية الإيدز؟

     منذ ثلاثين سنة، ناضل الباحثون لتحديد أفضل الاستجابات المناعية لكبح حمة نقص المناعة المكتسبة، هذه المعلومات هي التي قادت إلى تصميم لقاحات نقص المناعة المكتسبة و المقاربات الوقائية الأخرى. مؤخرا، كشف فريق من الباحثين عن جزيئة من صنع مَخْبري تحاكي مضاد أجسام من جهازنا المناعي، وقد تميزت هذه الجزيئة بقدرة وقائية أكبر من أي شيء قد ينتجه الجسم، حيث حافظ هذا المضاد على أربعة قرود بمنأى عن  مرض الإيدز بالرغم من حقنهم بجرعات عالية من الفيروس.

 إعداد: عبد الله ميصور      التدقيق اللغوي: الحسن أقديم

w2-hiv-a-20131101-870x652

حقوق الصورة: AP

     هنالك مجموعة من الأبحاث المكثفة الجارية على مضادات أجسام طبيعية يمكنها إيقاف أو “تحييد” أشكال مختلفة لحمة الإيدز المتحورة باستمرار، حيث وجد الباحثون مؤخرا العشرات من مضادات الأجسام المبطلة العامة (bNAbs)، فعالة للغاية و تعمل بجرعات منخفضة. لكن مايكل فيرزان، المتخصص في علم المناعة الحموية من معهد سكريبس للأبحاث في جوبيتر بفلوريدا، بمعية ثلاثة            وثلاثين من زملائه نهجوا نهجا مختلفا، وذلك ببناء جزيئة جديدة على أساس معارفنا حول كيفية مهاجمة حماة (HIV) للخلايا.

     تصيب حمة نقص المناعة البشرية خلايا الدم البيضاء، وذلك بارتباطها بالتتابع بمستقبلين على سطحها. في بادئ الأمر يرسو بروتين على سطح حمة نقص المناعة البشرية، gp120، على المستقبلات CD4 للخلايا، هذا الارتباط يلوي gp120 مما يعرِض منطقة على الفيروس يمكنها أن ترتبط بالمستقبل الخلوي الثاني، CCR5، هذا المركب الجديد يجمع بين جزء من CD4 و جزء صغير من CCR5، و يربط بين كلا هذه المستقبلات وبين قطعة من مضاد الأجسام.

في الواقع، تثبت حمة فقدان المناعة البشرية على المركب المسمى eCD4-IG، كما لو أنها ترتبط بخلية ومن ثم فإنها تُحيّدُ.

  وقد أثبتت التجارب التي أجريت في أنابيب الاختبار، تفوق مركب eCD4-IG على جميع مضادات الأجسام (HIV) في وقف الحمة من إصابة الخلايا، وذلك حسب تقرير نشره فريق فرزن في دورية نايتشر. وبغية اختبار الكيفية التي يعمل بها على مستوى الحيوانات، وضعوا مورثة لــ eCD4-IG داخل حماة غير ضارة وأوبَؤوا أربعة قرود، وتُجبر الحمة خلايا القرود على إنتاج المركب. عندما حقنت هذه القردة، و أربع أخرى شاهدة، بجرعات تدريجية كبيرة من حمة نقص المناعة البشرية لمدة وصلت 34 أسبوعا، فإن أيا من هذه الحيوانات التي تلقت المركب eCD4-IG لم يوبأ، بينما مات جميع من لم يعالج بالمركب.

     هذه الدراسة الحديثة رفعت من قيمة مقاربة علاجية جينية مماثلة بمضادات أجسام طبيعية، و التي كانت منذ ست سنوات يُنظر إليها على أنها واعدة في تجارب أُجريت على القردة، حسب مُلْحق بافتتاحية نايتشر من طرف الباحثة في لقاح نقص المناعة المكتسب (Nancy Haigwood) من ولاية أوريغون للصحة والعلوم في بيفرتون.ويضيف طبيب الأطفال فيليب جونسون من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، الذي شهد مختبره سنة 2009 نجاحا بفضل علاج جيني قدم  (HIV bNAb)، بأن eCD4-IG هو “شئ رائع”. ويقول: “أنا مُعجب جدا بهذه الورقة” ويضيف: ” إنها حقا جد مبدعة و تقدم باهر بقدر اهتمامي بها”. 

    بناء على عمل قدم من طرف مجموعة جونسون، ربط فريق فرزان  مورثة eCD4-IG بالحمة المرتبطة بالحمة الغُدية (AAV) غير الممرضة للإنسان. هاته الحمة التي ثم حقنها في عضلات قرد استمرت في إنتاج eCD4-IG لمدة 40 يوما من التجربة. وحسب فرزان فإن: ” الكل يتوقع أنه مع وجود (AAV)، فإن هذا قد يستمر إلى الأبد. الحيوانات ليس لها استجابة مناعية ضد eCD4-IG لكونها لربما شبيهة بأجزاء من خلاياها الخاصة“، لكن الكل ليسمقتنعا أن eCD4-IG سيعمل بشكل أفضل من مضادات الأجسام الطبيعية، ومن ضمنهم عالم الفيروسات ديفيد بالتيمور، الحائز على جائزة نوبل و العامل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، والذي يشتغل هو و مجموعة على تطوير علاج (AAV) خاص بهم يعطي (bNAb) حمة نقص المناعة، فقد وصف eCD4-IG و الورقة بــ”الرائعين”، ورحب بهذا النهج الجديد. لكن بالتيمور، الذي انتقل كما فعل جونسون بعلاجه الجيني إلى مرحلة التجارب المبكرة على الإنسان، سجل أن العمل الجديد يوفر فقط معطيات أخذت من تجارب أجريت في أنابيب الاختبار و الحيوان، وأضاف أنه: ” ربما هذا المركب أفضل من ذلك الذي كنّا نستعمله، لكن المسألة تظل في النهاية النتيجة التي سيخلص إليها من التجارب التي ستجرى على الإنسان”، ويردف قائلا: ” إنني لا أعتقد أنه من السهل أن نجيب عن مآل هذا” .

      يوافق جونسون أن مركب eCD4-IG يمكن أن لا يعمل هو و bNAbs عند الإنسان، لكنه يضيف أيضا أن مضادات الأجسام الطبيعية، حتى ولو كانت أقل فاعلية و سعة، فإنها قد تظل قوية بما فيه الكفاية لإيقاف حمة نقص المناعة البشرية. ويتساءل جونسون: “ما هو جيد، جيد بما فيه الكفاية؟”، ” لا أحد لديه أدنى فكرة عن ذلك” الطريق الوحيد ” الذي يجب عليك أن تُحيط به في الواقع أنه يجب الرجوع إلى تجارب على الإنسان”

    يرى فرزان أنه من الناحية النظرية يصعب على الحمة محاكاة eCD4-IG من a bNAb ، لأن حمة نقص المناعة البشرية تحتاج إلى الارتباط بــ CD4 و CCR5، وبغض النظر عن  أي من هذه العلاجات الجينية، فإن فرزان من جانبه لديه العديد من التجارب المخطط لها قبل أن يتم الانتقال إلى الإنسان، ويرى أننا: ” في حاجة إلى القيام بالعديد من الدراسات على القردة، لمعرفة ما إذا كان هناك من أمر لافت للنظر”.

المصدر: ساينس