ما هي مفارقة فيرمي؟

   يرجع اسم فيرمي إلى صاحبها إنريكو فيرمي (1901-1954) فيزيائي إيطالي أمريكي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938، وكان ضمن الفريق الذي أنتج أول مفاعل نووي وأول قنبلة ذرية، وقام بإرساء نظرية الكم، كان فيرمي أستاذًا للطبيعة في جامعة روما، شديد الحماس لكشف أسرار الذرة، وذاع صيته في الأوساط العلمية لبحوثه المدققة التي كشف فيها عن العنصر رقم 93 في الجدول الدوري للعناصر الذي رتبه العالم الروسي مندليف عام 1869.

تسعى مفارقة فيرمي (Fermi Paradox) للإجابة عن السؤال المتعلق بمكان وجود الحياة الخارجية أو الكائنات الفضائية. وبالنظر إلى أن الشمس والأرض جزء من نظام كوكبي شاب مقارنةً مع بقية أجزاء الكون -على أساس أن السفر بين النجوم سيكون صعب المنال- تقول النظرية أنه للكشف عن تلك الحياة فلا بدَّ أن تأتي هي لزيارتنا.

الكون واسع جداً ومعمر، حيث يُقدّر قطر الكون بـ 92 مليار سنة ضوئية، وهو مستمر في النمو بمعدلات أسرع. كما توضح القياسات المستقلة أن عمر الكون يصل إلى 13.82 مليار سنة. للوهلة الأولى، سيُقدم هذا الأمر للحضارات الخارجية مجالاً زمنياً واسعاً لتنتشر، لكن بعد ذلك سيكون أمامها حاجز المسافة الكونية الذي يتوجب عليها عبوره قبل المُضي بعيداً في الفضاء.

ومع ذلك يُبين عدد الكواكب التي اكتشفناها خارج نظامنا الشمسي أن الحياة قد تكون وفيرة. فقد اقترحت دراسة أُجريت في نوفمبر عام 2013، بالاعتماد على تلسكوب كبلر الفضائي، أنّ واحداً من بين كل خمسة نجوم مشابهة للشمس لديه كوكب بحجم الأرض يدور حوله داخل المنطقة الصالحة للحياة (وهي المنطقة التي تسمح بوجود الماء السائل فيها).

وجود مثل هذه المنطقة لا يدل بالضرورة على وجود الحياة، إذ يوجد عوامل أخرى يجب أن تُأخذ بالحسبان مثل الغلاف الجوي للكوكب. كما أن الحياة قد تأخذ أشكالاً عديدة انطلاقاً من البكتيريا ووصولاً إلى مركبات الكائنات الفضائية التي تُبحر بين النجوم. قبل بضعة أشهر، نشر علماء كبلر ما يُسمى “منجم الكواكب” (planet bonanza) الذي يضم 715 عالَماً مكتشفاً حديثاً، وتم ذلك بالاعتماد على تقنية جديدة تُعرف بالتحقق باستخدام التعدد.

تقترح النظرية بشكلٍ أساسي أن النجم الذي يظهر وكأنه يمتلك بضعة أجسام تعبر أمام وجهه أو تُمارس قوى مديّة عليه سيكون لديه كواكب ونجوم أخرى تدور حوله. كما تقترح التقنية أن مثل هذه الأنظمة النجمية المتعددة لن تبقى مستقرة بمرور الوقت. ووفقاً لتصريح وكالة ناسا عام 2014، فإنَّ استخدام هذه التقنية سيُسرّع عملية اكتشاف الكواكب الخارجية.

لا يزال فهمنا لبيولوجيا الفضاء (الحياة في الكون) في بدايته. فأحد التحديات التي تواجهنا هو كون هذه الكواكب الخارجية بعيدة جداً، بحيث أنه من المستحيل بالنسبة لنا إرسال مجس للنظر إليها. كما أن هناك صعوبة أخرى تكمن داخل نظامنا الشمسي، فنحن لم نقم باستبعاد كل المناطق التي قد تحتوي الحياة. نحن نعرف من النظر إلى الميكروبات على الأرض أنه بإمكانها النجاة في درجات حرارة وبيئات متطرفة، وهو ما أدى إلى ظهور نظريات تقول بإمكانية إيجاد حياة مشابهة للميكروبية في المريخ، وقمر المشتري الجليدي “يوروبا”، أو ربما فوق أقمار زحل “أنسيلادوس” و”تايتان”.

كل ذلك يعني أنه حتى داخل مجرتنا درب التبانة، يجب أن يكون هناك الكثير من الكواكب بحجم الأرض موجودة في المناطق السكنية (habitable zones) التي يُمكنها احتضان الحياة.

الصورة محفوظة ل:Karina Eibatova’s project

المصدر:سبايس