لماذا نتوهم في كل مرة بأن هاتفنا يهتز و هو لا يفعل؟

توهم اهتزاز الهاتف هي تجربة شائعة وغريبة. فحوالي 80% من 74 مشاركا بتجربة حول الاستشعار الوهمي لاهتزاز الهاتف، ظنوا أن هاتفهم يهتز في جيوبهم بينما كان غير مشغل. وسمع قرابة 30% منهم رنينا غير موجود في الواقع. فهل هذه الهلوسات هي علامات تنذر بجنون وشيك ناتج عن الثقافة الرقمية الجديدة ؟

PORTABL

توم ستافورد من قسم علم النفس بجامعة شيفلد بالمملكة المتحدة، يؤكد على أن ذلك يحدث للجميع ولا يمكن تجنبه كجزء من صحة وظيفة الدماغ.

يستخدم علماء النفس مفهوما يسمى “نظرية كشف الإشارات” لتوجيه تفكيرهم نحو مشكلة الأحكام الإدراكية. وبالعمل على مثال اهتزازات الهاتف، سيمكن لهذه النظرية تفسير سبب شيوع هذا الشعور الذي لا يمكن تجنبه كجزء من وظائف الدماغ.

عندما يكون هاتفك في جيبك، توجد إمكانية واحدة من احتمالين اثنين: فإما أن الهاتف يرن أو لا يرن. كما أن لديك حالتين في الاعتبار: الحكم بأن الهاتف يرن، أو الحكم بأنه لا يفعل. رغبة مطابقة هذه الاحتمالات في الاتجاه الصحيح هي شيء مؤكد. فالاهتزازات الحقيقية يجب أن تكون مع ” يرن”، ويجب أن يذهب اللا إهتزاز مع “إنه لا يرن”، وتسمي نظرية كشف الاشارات هذه؛ التوافقات الدقيقة على التوالي ” hit” و “correct rejection”.

إلا أن هناك اثنين من التركيبات الممكنة الأخرى: يمكنك المطابقة خطأ بين الاهتزازات الحقيقية مع “إنه لا يرن” (” مكالمة ضائعة “)؛ أو مطابقة  اللا إهتزاز خطأ مع “يرن” (“إنذار كاذب” ). وهذا النوع الثاني من عدم المطابقة هو ما يحدث عند توهم اهتزاز الهاتف.

و بالتالي فهناك حالات يمكن فيها إجراء الأحكام بسهولة، كإدراك إن كان شخص ما ينادي باسمك في غرفة هادئة، حيث ستكون المطابقة صحيحة في كل مرة. إلا أن الأحكام ستكون أكثر صعوبة إذا توجب عليك تحديد إن كان شخص ما ينادي باسمك أو لا داخل غرفة صاخبة، وقد تفشل المطابقة في عدة مرات. وهو ما يقابل تضييع المكالمات، أو توهم إنذارات كاذبة.

نظرية كشف الاشارات تخبرنا بأن هناك طريقتين لتغيير معدل عدم المطابقة، أفضلها تعديل مستوى حساسيتك للأشياء المراد استشعارها ( بالرفع من مستوى الاهتزازات بهاتفك مثلا، أو وضعه بمكان أكثر حساسية من جسمك )، والخيار الثاني يقضي اعتمادك احتمال ‘ إنه يرن’ بصرف النظر عما إذا كان يرن فعلا أم لا.

وقد افترض الباحثون بأن رغبة الناس استشعار رنين الهواتف الخاصة بهم وكرههم تضييع المكالمات جعل أنظمة إدراكهم الحسي تعدل انحيازهم إلى مستوى يجعل الخطأ غير مستحب، وضريبة ذلك ارتفاع احتمال رفع إنذارات كاذبة ـ وذلك من خلال اهتزازات الهاتف الوهمية ـ.

المفاضلة بين الإنذارات الكاذبة وتضييع المكالمات تمثل أيضا بأجهزة إنذار الحريق التي تعمل حتى وإن لم يكن هناك حريق. هي ليست سيئة التصميم، لكنها شديدة الحساسية للدخان والحرارة ـ ومتحيزة لتجنيب حريق حقيقي مهما كلف الأمر. والنتيجة هي ارتفاع في عدد الإنذارات الكاذبة. هذا سيء، لكنه ليس بدرجة سوء الاحتراق حتى الموت فوق السرير أو داخل المكتب.  لقد تم تصميم أجهزة الإنذار حتى تخطئ إذا استوجبت الحيطة ذلك.

شعور توهم اهتزاز الهاتف ليس نوعا من الهلوسة المرضية. هو ببساطة يعكس أنظمة إدراكنا الحسي شبه المثالية وهي تعمل ما بوسعها في عالم صاخب يتسم بعدم اليقين.

المصدر: 1