سلسلة “في أثر الأنسولين”1-: بكتيريا إيكولاي “مصنع” للأنسولين البشري.

شكل بنكرياس الحيوانات المصدر الرئيس كما سبقت الإشارة، وكانت الشركات المصنعة تستهلك زهاء  8000 كلغ منها لإنتاج كلغ واحد من الأنسولين. تَوَلّد عن الحاجة المتزايدة إلى الأنسولين الحاجةُ إلى مصدر آخر، ولا بد أن يكون هناك اختراع جديد.

insulin -1

قبل الخوض في الطريقة الجديدة يجب أن نعلم أن خلايا الكائنات الحية تتوفر على خبر وراثي يمكنها من صناعة حاجتها من البروتينات (البنيوية منها والوظيفية). خلايا البنكرياس المفرزة للأنسولين، ليست استثناء، إذ تتوفر على خبر وراثي، متسلسلة الحمض النووي DNA، لصناعة حاجتها منه. تتلخص التقنية، إذن، في إضافة هذه المتسلسلة، بتفصيل لا داعي لذكره في هذه المقام، إلى خلية حية أخرى، هي في هذه الحالة البكتيريا المعوية إيكولاي E.coli.

حمل هذا العمل في بداياته لمسة عالمنا البارع سانجر، الذي طور طريقة للتعرف على تسلسل الأحماض النووية، وسميت الطريقة المبتكرة طريقة سانجر. أولى الخطوات كانت سنة 1960، حيث قام عضو الفريق كينيث موراي بتطوير أولى الطرق لتجزئة والتعرف على تسلسل أجزاء صغيرة من الحمضالنووي DNA، لكن العمل المستمر لم يؤت أكله إلا سنة 1968، حيث تمكن عالمنا رفقة زميله آلان كولسون من التعرف على التسلسل الكامل للعاثية ʎ (فيروس يتطفل على البكتيريا).

مع ذلك فإن التعرف، وعزل مورثة الأنسولين من الجينوم البشري ليست بالمهمة السهلة. يبقى الحل إذن الانطلاق من البنية البروتينية والوصول إلى بنية الحمض النووي، ثم نقله إلى البكتيريا، أي إنجاز قراءة عكسية للنسخ والترجمة. بمعنى آخر نستطيع، انطلاقا من البنية البروتينية التنبؤ ببنية الحمض النووي الريبوزي الرسول mRNA، وهي عملية القراءة العكسية للترجمة، ثم من تسلسل mRNA إلى DNA، وهي عملية النسخ العكسي.

سنة 1978، أصبح الأنسولين أول بروتين ينتج بواسطة التقانة الحيوية، في حالتنا هذه، الاستعانة بكائن مغير وراثيا لإنتاج بروتين بشري، هو هرمون الأنسولين.

المصادر: 1 2 3 4

<<السابق                            سلسلة: “في أثر الأنسولين”                          التالي>>