تروس (دواليب مسننة) ميكانيكية عند الحشرات

تتمثل الهندسة الحيوية في الاستلهام من العالم الحي لتطوير أجهزة تقنية مبتكرة. وإذا عكسنا الأمر، هل تستلهم الكائنات الحية من اختراعات الإنسان؟

قد تبدو الفكرة عبثية، لكنها تتبادر إلى الذهن عندما نطلع على اكتشاف باحثان من جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة ” Malcolm Burrows”و “Gregory Sutton” واللذان أظهرا آلية بالتروس “engrenage” مسؤولة عن القفز لدى جندب صغير قفاز، “الجندب الأحدب “Issus coleoptratus .  هذه التقنية الميكانيكية إذن ليست اختراعا بشريا بحتا.

بالنسبة للحشرات القفازة ( الجراد، البراغيث، الزيزات،….) يتولد القفز من تمدد سريع وقوي للقائمتين الخلفيتين، ونجد شكلين لهاتين الأخيرتين.، فبالنسبة للجراد والبراغيث، تتحرك القائمتان على مستويات عمودية مختلفة في كل جهة من جسم الحشرة. أما لدى الحشرات المتميزة في القفز كالزيزات، فقاعدة القوائم الخلفية، تحت جسم الحشرة، تدور في الاتجاه المعاكس وعلى نفس المستوى الذي يكون تقريبا أفقيا. ويتطلب الشكل الثاني تزامنا محددا لحركات القائمتين: وإلا، ستتعرض الحشرة أثناء القفز، لدوران سريع حول نفسها على مستوى أفقي.

engrenage2

الصورة   Malcolm Burrows

كيف يتم هذا التزامن؟ لدى الجندب الأحدب، ترسل السيالات العصبية إلى العضلات المطابقة عبر زوجين مستقلين من الخلايا العصبية، مما لا يكفي لتزامن حركات القائمتين بطريقة دقيقة، بمقدار بضعة ميكرو ثواني . بفضل الفيديو فائق السرعة و فحص تشريحي، أظهر الباحثون أن بالنسبة لحوراء الجندب الأحدب nymphe ( حوراء: الطور الانتقالي للحشرة بين اليرقة والحشرة الكاملة)، يحدث تزامن دقيق بفضل صف من المسننات في الجانب الداخلي للمدور في كل قائمة ( الجزء من القائمة الذي يلي الورك ويسبق الفخذ) .  كل مدور، بتماسه مع منطقة من الجانب الداخلي، يتحرك بواسطة ترس مسنن يجبرهم على التحرك.

بفضل أسنان الترس، تتحرك القوائم الخلفية تقريبا في نفس الوقت، بفارق أقل من 30 ميكرو ثانية. ففي المرحلة الإعدادية للقفزة، والتي تدوم حوالي 80 جزء من الألف من الثانية، تدور المدورات مع سحب الفخذ إلى الأمام. أما في المرحلة الثانية للقفزة، وهي مرحلة  الدفع، وتدوم أقل من جزءين من ألف من الثانية، يعكس اتجاه الدوران وتقذف عظام الفخذ غلى الوراء.

هذه الآلية بواسطة التروس تخص فقط حوراء الجندب الأحدب أو الفصائل المماثلة. فالأسنان تختفي عند الانسلاخ الأخير للحشرة، عندما تصبح بالغة. إذن كيف يمكن تفسير كون البالغين يقفزون بطريقة أحسن من الحوراء؟  سنة 2010، أوضح الباحث “Malcolm Burrows” أن بالنسبة للبالغين، يتم التزامن في القائمتين الخلفيتين، على الأقل جزئيا، عن طريق احتكاك الأوراك. التزامن عبر الاحتكاك قد يكون أنجع لدى البالغين نظرا لكبر حجمهم. هناك نقطة أخرى تجب الإشارة إليها،  وهي أن لدى الحوراء، يتم تعويض الأسنان المتكسرة بفضل الانسلاخ الموالي، وهو أمر مستحيل لدى البالغين الذين لا ينسلخ جلدها.

المصدر: 1