باحثون يعكسون الشيخوخة في خلايا بشرية

هل من الممكن تأخير الشيخوخة أو عكسها؟ وهل من الممكن استرجاع مرحلة الشباب؟ هذا ما حاول الإجابة عليه فريق من الباحثين في جامعة تسوكوبا باليابان، حيث أثبتوا أن هذه العملية ممكنة، على الأقل، في بعض الأنواع من الخلايا البشرية. وقد أكدت الدراسة أن تنظيم بعض المورثات المسؤولة عن إنتاج الغليسين لها دور أيضا في الشيخوخة.

أخبار علمية

حتى يومنا هذا، كانت الشيخوخة تنسب إلى الضرر الذي يحدث على مستوى الحمض النووي الموجود داخل الميتوكندريات المسؤولة عن إنتاج الطاقة في خلايا الجسم، ويعد هذا التلف الذي يصيب هذه العضيات أمرا حاسما في ظهور آثار الشيخوخة لدى معظم أنواع الكائنات الحية بسبب تدهور حالة المراكز التي تزود الخلايا بالطاقة، كما تعتبر الطفرات الوراثية التي تجري على مستوى الحمض النووي الميتوكندري مسؤولة عن تسريع الشيخوخة، وإحداث التغيرات التي تشهدها أجسامنا خلال هذه المرحلة، كالنقصان في الوزن، وسقوط الشعر، وانحناء العمود الفقري، وهشاشة العظم، وغيرها من التغيرات التي تؤدي للهرم.

ولكن هذه النظرية أصبحت محل جدل بعدما طرحت هذه الدراسة أن الطفرات الوراثية ليست المسؤولة عن الضرر الذي يحدق بالميتكوندريا، بل توجد آليات منظمة أخرى تقوم بهذه العملية. فقد قام الباحثون بتقييم وظائف الميتوكندريا في خلايا ليفية مستنبطة بعضها من أشخاص لا يتجاوز عمرهم اثنتا عشرة سنة، وأخرى أخذت من أشخاص يتراوح عمرهم ما بين الثمانين والمئة سنة تقريبا، وكانت النتائج مذهلة وغير منتظرة، فلم يوجد أي اختلاف بين الفريقين فيما يتعلق بنسبة الضرر في الحمض النووي، ما دفع الباحثين إلى التفكير في طريقة بديلة تترتب عليها التغيرات التى تحدث على مستوى الميتوكندريا، والتي تستطيع شرح عملية التشيخ. وكان الجواب في ما يعرف بالوراثة اللاجينية، أي تلك التغيرات التي تحصل في الحمض النووي لتنظيم تعبير المورثات دون أن يكون لها تأثير على تسلسل الحمض النووي في حد ذاته.

إن كانت هذه النظرية صحيحة، فإنه من الممكن إعادة برمجة الخلايا البشرية إلى حالتها الجنينية، لحذف جميع التغيرات التي تكون قد حدثت على مستوى الحمض النووي الميتوكندري لاسترجاع الوظيفة الميتوكندرية. وللتحقق من هذه الفرضية، أعاد الباحثون برمجة هذه الخلايا إلى وضعها الجنيني، وبشكل لا يصدق، اختفت كل ظواهر الشيخوخة في هذه الخلايا، واسترجعت الميتوكندريات وظيفتها كما لو أنها نشأت من جديد. ولكن الدراسة لم تتوقف هنا، فقد استطاع العلماء تحديد مورثتين على مستوى الميتوكندري منظمتان عبر الآليات اللاجينية، حيث وجدوا أنها مسؤولة عن إنتاج الغليسين، وأثبتوا أنه بإمكانهم تشغيل أو إيقاف وظيفة الميتوكندريا عبر التحكم في هاتين المورثتين.

زيادة على كل هذا، فإن إضافة الغليسين للخلايا الليفية المستنبطة من الأشخاص الكبار أدى إلى استعادة وظيفة الميتوكندريات في هذه الخلايا، ما يعني أن العلاج بالغليسين يمكن أن يعكس آثار الشيخوخة الناتجة عن الضرر الميتوكندري في الخلايا الليفية.

هذه الأبحاث تتناقض مع النظرية السائدة حتى يومنا هذا، فحسب هذه الاكتشافات، فإن التنظيم اللاجيني هو المسؤول عن التغيرات التي تحدث في الميتوكندريا والمؤدية إلى الشيخوخة في الخلايا الليفية. وإن صحت هذه النظرية، ربما قد تكون الغليسين الأمل في علاج الشيخوخة.

المصدر: جامعة تسوكوبا