إلى أي حد يمكنننا التلاعب بالذكريات؟

لا يمكن لأحد أن ينكر التطور الذي بلغه العلم في شتى مجالاته، و أكبر دليل على هذا أنه، بواسطة العلم، صار زرع الأعضاء و الشعر أمرا ممكنا. بل أضحى الآن شيئا عاديا، لكن هل بإمكان العلم و تقدمه أن يزرع الذكريات في أدمغة لم تعش الحدث لتتذكره ؟

إعداد : حسناء القول/ التدقيق اللغوي: الحسن أقديم

mouse_1024.jpg

Image: Shutterstock/rkucharek

يملك كل منا الملايين من الذكريات، و كلما كبرنا في السن تضاعف عددها، لكن القلة القليلة منا لها قدرة على استذكار أقدمها، فما بالك بتذكر ما لم يحدث أصلا، لا نتحدث عن الذكريات الكاذبة (لحظات لم نعشها لكن نتذكرها كأنها فعلا حصلت في يوم ما) بل عن ذكريات مزروعة !!

قد يبدو الأمر مستحيلا، لكن كالعادة يفوز العلم ويثبت نجاعته، ففي المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا قام الباحثون، في سابقة من نوعها، بزرع ذكريات اصطناعية في أدمغة فئران نائمة، وقد أثرت هذه الذكريات الوهمية في سلوكها حتى بعدما استيقظت، ومن أجل زرع هذه الذكريات قام الباحثون بخداع أدمغة الفئران، إذ زرعوا فيها أقطاب كهربائية تم تصميمها لاستهداف منطقة الحصين من الدماغ (حيث تتجمع كل السبل الحسية، ويؤدي تلف هذه المنطقة لجعل المصاب غير قادر على تذكر أي شيء حدث قبل بضع ثوان فقط) و تحديدا بخلايا المكان الذي حصل مكتشفوه على جائزة نوبل للطب العام الماضي.

لتحديد مكان هذه الخلايا، سمح الباحثون للفئران باستكشاف بيئتهم مع تسجيل نشاط خلاياهم العصبية في نفس الوقت، و بذلك تم رصد خلايا المكان التي كانت نشطة، ثم قام الباحثون بتحفيزها بواسطة MFB، مما خلق علاقة إيجابية كاذبة بين استكشاف المنطقة و المكافأة، ومن المعروف أن الخلايا العصبية للحصين تستذكر تجارب اليوم أثناء النوم، فقام الباحثون بتحفيز هذه الخلايا مجددا ب MFB ، و عند استيقاظ الفئران لاحظوا أن الطبيعية منها ( التي لم تجر عليها التجربة) أمضت ما يصل إلى خمس مرات أطول لاستكشاف المنطقة المرتبطة بنشاط الخلايا، بالمقارنة مع الحيوانات التي تلقت التحفيز من MFB خلال نومها، ما يدل أن لديهم ذاكرة واعية أن نوعا من المكافأة كان في هذا المكان بالذات.

إلى جانب كونه إنجازا متميزا، فهذه الدراسة قد تساعد في زيادة فهمنا للدور الذي يلعبه النوم في ترسيخ الذاكرة، ومن يدري لربما تمكنا من جعل البشر أقل عرضة للذكريات الكاذبة التي يمكن أن تكون خطيرة في بعض الحالات، مع أنه من الصعب جدا أن تتكرر التجربة  مع البشر، إلا أن العلماء يأملون أن النتائج يمكن أن تمثل خطوة هامة نحو مساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الذاكرة.

synth3The MFB

 

المصدر :

1- http://www.nature.com/neuro/journal/vaop/ncurrent/full/nn.3970.html

2-http://www.sciencealert.com/scientists-insert-happy-memories-into-the-brain-of-sleeping-mice