الحضارة البابلية بينت حركة كوكب المشتري بطرق رياضية

تبرز الحضارة البابلية مرة أخرى عظمتها من خلال اكتشاف لوح يبين حركة كوكب المشتري بطرق رياضية لم تُطور إلا في حدود القرن 16 م.

tablet-text_1024

Trustees of the British Museum/Mathieu Ossendrijver

الحضارة البابلية من أعرق الحضارات التي لا تنفك تدهشنا باكتشافاتها وتطورها خاصة في ميدان العلوم والرياضيات. فقد تُرجم مؤخرا لوح قديم من طرف ماتيو أوسيندرفار أستاذ التاريخ وعالم آثار في جامعة هامبلوت ببرلين، وأكد أن البابليين الأوائل استطاعوا تحديد مسار كوكب المشتري باستعمال حسابات رياضية هندسية، كان يعتقد تاريخيا أن الأوروبيين هم الأسبق في اكتشافها.

يبين اللوح أن الفلكيين البابليين استطاعوا قياس سرعة وتموقع جسم ما في السماء اعتمادا على مقادير زمنية، فاللوح يبين أن البابليين كانوا يقيسون السرعة المتوسطة لكوكب المشتري كل يوم ثم اعتمادا على حسابات رياضية متقدمة تُحدد سرعة الكوكب في اليوم الأول وبعد 60 يوما من بداية عملية القياس، وهكذا تُستنتج المسافة المقطوعة في مدة معينة من الزمن.

الشكل التالي يبين ترجمة لوضعية مبسطة لمسار المشتري بين اليوم 1 واليوم 60.

trap

لا يوجد أي تفسير مقنع لسبب اعتمادهم مدة 60 يوما بالضبط لكن ربما لها علاقة بنظام العد الذي كان معتمدا آنذاك.

بحساب الحيز المحصور بين الجزء [V0 – V60] والجزء [60- 0]  يمكن تحديد تموقع الكوكب لاحقا في الفضاء، هذه العلاقة بين السرعة والمسافة، والتعامل مع سرعة المشتري كدالة عددية متغيرها هو الزمن، هي أساس حساب التفاضل والتكامل الذي طُور خلال القرن 16 ميلادي على يد كل من نيوتن و ليبنيز – بشكل متزامن – ثم نٌسب فيما بعد إليهما، لكن كما يبدو أن البابليين كانوا أسبق بأكثر من 100 سنة قبل الميلاد.

اكتشاف كهذا يمكن أن يغير تاريخ العلوم التي نعرفها حاليا، ويدل على أن علماء الفلك في بلاد ما بين النهرين لم يكتشفوا فقط طريقة للتعرف على مسار المشتري قبل أكثر من 1000 سنة من ظهور أول تيليسكوب، بل كانوا أيضا يستعملون طرائق رياضية من شأنها أن تشكل أسس حساب التفاضل والتكامل الحديث كما نعرفه اليوم. إذن عندما تنظرون إلى اللوح في الصورة أعلاه، فأنتم تطلعون على أسس الرياضيات الحديثة.

المصادر: 1 ، 2 ، 3