image_pdfimage_print

تخيلوا مستقبلا وزارة تحت عنوان ”وزارة تعديل الطقس“، حيث يتكلف المسؤولون فيها بحل جميع المشاكل المناخية، من جفاف وأعاصير وفياضانات وتجنب الكوارث قبل وقوعها. فكيف سيكون ذلك؟

التحكم في الطقس

Credit: Getty Images

أحيانا تكون الحقيقة أغرب من الخيال، وهذا هو الحال مع محاولة الإنسان السيطرة على الطقس. دعونا نبدأ أولا بنبذة تاريخية عن الأمر.

كانت القبائل الأمريكية القديمة التي تعيش في مناخات جافة تنظّم رقصات جماعية في طقوس خاصة لتطلب سقوط الأمطار، وتطور الأمر إلى أن ظهر من يصطلح عليهم بصناع المطر أواخر القرن 19 غرب الولايات المتحدة الأمريكية، مستخدمين علوما زائفة، غالبا ما تجسدت في الاستعانة بجهاز يضخ مواد كيميائية أو غازات في الجو. لكن سرعان ما تزايدت الشكوك حولهم بعد فشلهم في أغلب المحاولات.

واستغرق الأمر أكثر من أربعة عقود ليتغلب العلم على الشعوذة بصفة نهائية، حيث اكتشف فريق من الكيميائيين بمختبر أبحاث “دجنرال إلكتريك” في “سكينيكتدي” إمكانية إدماج بلورات الجليد في سحابة باردة لإنتاج الثلوج، وسميت هذه العملية باستمطار السحب، وبحث العلماء بعد ذلك عن بديل بلوري آخر يتميز بنفس الخصائص، فوقع الاختيار على ليوديد الفضة.

في الغيوم لا يمكن لقطرات الرطوبة أن تتجمد دون بعض المحفزات الإضافية، فعند التقائها ببلورات ليوديد الفضة تتجمع حولها وتتجمد، وبمجرد نمو قطع الجليد إلى حجم معين، تسقط من السحابة على شكل ثلوج أو على شكل أمطار إذا ما مرت عبر هواء دافئ.

بعد هذا الاكتشاف المخبري شرع العلماء حول العالم في نثر بلورات ليوديد الفضة في السحب سواء عن طريق الطائرات أو بواسطة قذائف مدفعية، وذلك من أجل استنزال الأمطار بالمناطق التي تعاني من الجفاف، أو تفريق الضباب حول المطارات. أحدث هذا الأمر طلبات عديدة على هذه التكنولوجيا، لكن لسوء الحظ لم تنجح في كل مرة.

مع ذلك تواصلت البحوث في هذا المجال، وأكدت بعض منها  سيما التي أجريت بجنوب إفريقيا والمكسيك أن نثر جزيئات الملح بالغيوم الدافئة يعد أكثر فعالية من نثر بلورات ليوديد الفضة. أما في الصين فقد أتقن العلماء عملية الاستمطار حيث أصبحوا يتحدثون عن إمكانية ضمان هطول الأمطار من عدمه في يوم معين، وهو ما حدث في دورة الألعاب الأولمبية ببكين سنة 2008.

تكلمنا عن إمكانية استنزال الأمطار، لكن هل من الممكن منع الأعاصير من التشكل؟

يجيب بعض العلماء بالإيجاب، حيث توضح النمذجة الحاسوبية لبعض الأعاصير الكبرى أن تغييرا بسيطا في العوامل الأولية يمكن أن يحول كارثة بيئية كبيرة كالعواصف إلى مجرد زوبعة صغيرة دون أدنى ضرر، وهذا ما يطلق عليه اسم نظرية الفوضى التي تهتم بالوصف العلمي للأنظمة المعقدة كالطقس، حيث التغيرات الصغيرة  المساهمة في تكون الظاهرة منذ بدايتها تحدث تغيرا جذريا في النتائج النهائية.

وتتمثل مثل هذه التغيرات التي يمكن إحداثها حسب خبراء الأرصاد الجوية في وضع بعض الطلاء (طبقة رقيقة من الزيوت القابلة للتحلل) على سطح مياه السواحل المهددة، مما سيكبح عملية التبخر وبالتالي يمنع حدوث الأعاصير الكبيرة.

حاليا يبدو الأمر أقرب إلى الخيال العلمي، لكن ربما يأتي يوم يصبح فيه التحكم في الطقس مجرد ضغط على أزرار الآلات لتحديد نسبة الأمطار أو الثلوج التي نرغب فيها

المصدر


الكاتب: رضوان فريد
المدقق اللغوي: رشيد لعناني