image_pdfimage_print

يملك الإنسان مَلَكَةً تمكنه من إدراك الأعداد وفهمها، هذا الوعي بالأعداد يمكنه من ملاحظة الفرق حين ينقص عدد شيء ما أو يزداد دون أن يتم إخباره بالتغيير الحاصل. إن كان التعداد ميزة يتمتع بها، فهي ليست حكرا عليه، بل يمكن لبعض الحيوانات إدراك الأعداد بطريقة مختلفة، فهل تستطيع الحيوانات العد؟

 خلصت دراسة علمية للبروفيسور « Otto Koehler » من جامعة فرايبورغ، أن الحيوانات،  وبصفة خاصة: الطيور و الجرذان والفقمة بالإضافة إلى بعض أنواع الحشرات،  تستطيع إدراك مبدأ العد، بمعنى آخر أنها تستطيع التفريق بين مجمع للحيوانات وآخر يتكون من عدد أفراد مختلف، كما تستطيع التفكير على أساس كمي.

فإذا كانت السناجب والببغوات قد تمكنت من تعلم العد، كما برهنت عليه أفلام « Koehler »، فمن المنطقي تعميم هذه الإمكانية على الحيوانات الأخرى مثل الكلاب والفقمة والجرذان، بالرغم من اختلاف تطور هذه الملكة من حيوان لآخر.

 لنفترض على سبيل المثال، أن عُشّاً يحتوي على 4 بيضات. عندما تنقص بيضة واحدة، فإن أنثى الطير لا تلحظ الفرق، لكن عندما تُنتقص بيضتان من العش فإن الأنثى تثور بحثا عن بيضها المفقود. من خلال هذه التجربة، يمكن القول أن هذا الطائر، استطاع التفريق بين 2 و 3. وقد تم القيام بتجارب أخرى، مثل التجربة التي أجريت على طائر العندليب، فتبين أنه يستطيع العد حتى ثلاثة، فقد كان يحصل كل يوم على 3 دودات، واحدة تلو الأخرى. فكان يأخذ دودة ثم يذهب لمكان منعزل لأكلها، ثم يعود لأخذ الثانية وبعدها الثالثة بنفس الوتيرة، لكنه بعد أكله للدودة الثالثة لا يعود، كأنه يعلم أنه لن يحصل على شيء آخر!

والأكثر غرابة هي تجربة الدبور من نوع ” solitary wasp”، والتي وضع بيضها في علب متفرقة، وكانت الأنثى تأتي لكل بيضة على حدا بالغذاء الإحتياطي الذي ستأكله الصغار بعد فقص البيض. كان عدد اليرقانات الذي تجلبه الأنثى لكل بيضة ثابثا، بعض أنواع الدبور يوفر 5 يرقانات للبيضة، آخر 12 يرقانة، وآخر 20  وآخر 24 يرقانة.

أما الأكثر إثارة فهو الحشرة “Genus Eumenus” حيث تكون الأنثى أكبر من الذكر. وبطريقة غريبة، تستطيع الأنثى معرفة إن كان بالبيضة صغير ذكر أم أنثى، فتحضر الغذاء لكل بيضة حسب جنسها: 5 يرقانات للذكور و10 للإناث، هذا ما يحيلنا إلى الظن بأن الحيوان يتصرف مع غذائه بطريقة ربما غير واعية.

مثال آخر لطائر الغراب، حيث أن صائدا قرر النيل منه لأنه اتخذت من برج مراقبته مكانا له، حاول مرات عدة اصطياده دون جدوى، كلما اقترب طار بعيدا عن عشه، فقرر الصائد نصب مكيدة له، أحضر صديقا له ودخلا البرج، فطار الغراب بعيدا ينتظر خروجهما للعودة لعشه، خرج القناص فقط، فبقي الغراب ينتظر خروج الشخص الآخر من البرج، في اليوم التالي، أعيدت نفس التجربة مع 3 أشخاص، ثم 4 أشخاص، دائما يعود الطائر بعد خروج آخر شخص من البرج، لكن عندما ذهب 5 أشخاص، بعد خروج الشخص الرابع عاد الغراب لعشه فتمكن منه الصياد، مما يثبت أن الغراب لا يستطيع التفريق بين 4 و 5. أي أن العد بالنسبة له هو 1، 2، 3، وأكثر من 3.

بما لا شك فيه، تستطيع الحيوانات العد، لكن ليس بنفس طريقة الإنسان، فقد يكون هذا الوعي بالعدد عندها رياضيا وقد يكون غير مدرك لديها.

المراجع:

1- كتاب “تاريخ الرياضيات” ص 8 و9 ، لمؤلفه “جون-بول كوليت”.
2-  [1]


الكاتب: مروة بنحاجي