image_pdfimage_print

تستهلك هذه النبتة، التي تبعث الإحساس بالنشوة، الماء بشكل كبير. تمتص مزارعها أكثر من نصف كمية الموارد المائية في اليمن.

khat9يستمتع الكثير من اليمنيين بمضغ نبتة القات،  لكن ثمن ما تمنحه من نشوة يدفعه كل البلد  الذي يعتبر من أكثر بلدان العالم جفافا.

بالفعل، فمزارع القات تمتص أكثر من نصف الموارد المائية لليمن. ورغم ذلك، فهي لا تفتأ تمتد وتتوسع على أراضيه حيث يسود الفقر والعنف.

“تتطلب زراعة القات 60% من الموارد المائية للبلد” يوضح عمر مدحاجي، خبير وأحد مسؤولي الهيئة العامة للموارد المائية.

وقد قفزت مساحة مزارع القات من 10000 هكتار في بداية السبعينات إلى 167602 هكتار سنة 2012، اي ما يعادل 12% من  الأراضي الصالحة للزراعة.

سنويا، يحصل كل يمني من مجموع 23 مليون فردا، على 120 مترا مكعبا من الماء، أي 2% من المعدل العالمي، حسب المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي.

يعتبر البحث عن الماء عبءا يوميا في وسط اليمن و في العاصمة صنعاء حيث تجري المياه في الصنابير مرتين في اﻷسبوع بالنسبة للمنازل المرتبطة بالشبكة.

وحسب علي السريمي، رئيس هيئة الماء، فقط 45% من المنازل تصلها الشبكة في صنعاء. يستهلك البلد 3 ملايير متر مكعبا من الماء، ولا يتم تجديد سوى الثلث منها. يضيف السريمي.

” انظروا، إنها فاتورة الماء بمبلغ 17500 ريال (80 دولار) ، لكن لا توجد مياه بمنزلي” يشتكي عبدالله مسعود، أحد ساكنة العاصمة الذي أتى لاقتناء الماء من محطة ضخ في نواحي المدينة، حيث أخذت الوكالة الفرنسية للأنباء تصريحه.

“يعتمد أغلب سكان هذا الحي على مياه هذه البئر الذي تبرع بها أحد اﻷشخاص، لكنها تعرف ازدحاما كبيرا، ونقف في الصف لساعات للتزود بالماء.” يؤكد بشير نشوان أحد السكان.

“لقد تم استنزاف الفرشة المائية الجوفية لصنعاء المحبوسة خلف الرواسب، و اﻵبار تزداد غورا وتصل من 1000 إلى 1500 مترا.” يشير الجيولوجي إسماعيل الجناد.

تقع العاصمة اليمنية التي تضم 3 ملايين نسمة، على ارتفاع 2300 مترا ، محصورة بين جبال حصوية. لكن بمجرد الابتعاد عنها قليلا، تظهر أودية خضراء تزدهر فيها زراعة القات.

في إحدى المزارع، تتدفق المياه لسقي صف من شجيرات تشبه التين، ينشط عاملون في قطع اﻷغصان وإعداد باقات القات لتوجيهها إلى سوق صنعاء.

قطف القات سهل يستمر طوال السنة و يدر اربعة اضعاف أي زراعة أخرى.  لكنه حسب العديد من الخبراء، يمتص 30% من مياه الفرشة المائية الجوفية، و 60% من مجموع موارد البلد المائية.

يبدأ تناول القات من بعد الزوال ويستمر إلى وقت متأخر من الليل. وقد عمت هذه العادة بعد أن كانت ولسنوات طويلة تقتصر على اﻷغنياء .

يشغل تناول القات اليمنيين، بما فيهم النساء واﻷطفال، لساعات طويلة، في استهانة واسعة بتأثيراته على الصحة.

لكن، على الرغم من الحملات الكثيرة، يستمر استهلاك القات في الانتشار، مرهقا بذلك جيوب اليمنيين، علما ان اليمن  من أفقر الدول، و أكثرها عرضة ﻷعمال العنف القاتلة.

“في محافظة صنعاء التي تضم العاصمة ونواحيها، يوجد 4000 بئر تم حفرها بدون ترخيص لسقي شجيرات القات  و ينقص الضخ المتزايد للماء  من مستوى الفرشة المائية الجوفية حول صنعاء بستة أمتار في السنة، .” يشير عمر مادحاجي.

“الخيار الوحيد أمام استنزاف الفرشة المائية هو أخذ تدابير عاجلة لمنع استعمال المياه التي يتم ضخها للسقي” يوصي الجيولوجي إسماعيل الجناد.

لكن وزير الماء عبد الرزاق صالح خالد يعترف بأن مصالحه لم تنجح في منع نشاط 150 مقاولة مجهزة لحفر آبار ارتوازية في منطقة صنعاء. وقد قدر عدد هاته المقاولات في اليمن ب 950 مقاولة.

حسب جناد، قد يكون الحل على المدى البعيد هو اللجوء إلى تحلية مياه البحر، و يبقى هذا الخيار مكلفا بالنسبة لبلد ذي موارد مالية محدودة.


الكاتب: محمد أيت بهي