image_pdfimage_print

كل صباح، وقبل أن يتناول وجبته الصباحية الأولى، يتناول إبرة، ليدخلها في قارورة لسائل شفاف. يسحب منها قليلا، ثم بحقنها تحت جلده. لا شك أنك قمت بذلك، أو رأيت أحد أقاربك يفعلها.. إنه مريض السكري، وإنها حقنة الأنسولين التي تبقيه على قيد الحياة.

لكن هل تخيلت كيف كان حال هذه العينة من المرضى قبل اكتشاف الأنسولين؟ و هل تملك فكرة على المسار الذي سلكه ليصل إلى تلك القارورة؟

أنت مدعو إذن إلى متابعة سلسة: “في أثر الأنسولين”

البداية

 

العطش الشديد، والجوع، ثم كثرة التردد على الحمام للتبول، كانت علامات دالة قطعا على قرب ساعة الرحيل. نحن الآن قبل سنة 1776، حيث لا شيء معروف بعد عن الفيزيولوجية المرضية لمرض السكري، سوى الموت المحقق.

نقل ارتباط الداء بمذاق البول الحلو عن كل من الحضارات القديمة: اليونانية، والصينية والمصرية والهندية والفارسية، وقد كان الهنود يستدلون على ذلك بانجذاب النمل إلى بول المرضى الذين تظهر لديهم هذه الأعراض. سنة 1776 أكد ماثيو دوبسون بأن المذاق الحلو الملاحظ في أبوال ودماء المرضى ناتج عن ارتفاع تركيز نوع من السكريات.

كان الأطباء نتيجة لهذه الملاحظة يخضعون المرضى لحمية غذائية قاسية من حيث فقرها إلى المواد السكرية. في أحسن الحالات، كان هذا التعاطي مع المرض يمنح المرضى عدة سنوات إضافية، وفي أسوئها، الموت نتيجة فقر التغذية، لكنه لم يكن أبدا علاجا فعالا.

ستنتظر البشرية قدوم سنة 1869، حين ميز طالب الطب الألماني باول لانجيرهانز Paul Langerhans تسعة أنواع من الخلايا في البنية المجهرية للبنكرياس، من بينها خلايا صغيرة غير منتظمة الشكل، ولا تحوي حبيبات، وتجتمع على شكل أكوام. لم يستطع وقتها أن يضع فرضية بوظيفة هذه الخلايا، لكنها الخلايا المفرزة للأنسولين، ليطلق عليها الفرنسي لونجيس سنة 1893 اسم “جزيرات لانجيرهانز”، لتخلد اسمه كأول عالم قام بوصفها.

المصادر: 1 2 3 4

                                            سلسلة: “في أثر الأنسولين”                           التالي>>


الكاتب: يوسف الأمين
المدقق اللغوي: رشيد لعناني