image_pdfimage_print

كما قد يتضح من اسمها، فهذه الفصيلة تتميز بالشكل الدائري للخلايا، والتي تتجمع على شكل العنقود. نحصي إلى حد الساعة 44 نوعا من المكورات العنقودية، لعل أشهرها المكورات العنقودية الذهبية ( Staphylococcus aureus) .

صورة للمكورات العنقودية الذهبية بالمجهر الضوئي (تلوين اصطناعي، تكبير 1000 مرة)صورة للمكورات العنقودية الذهبية بالمجهر الضوئي (تلوين اصطناعي، تكبير 1000 مرة)

المصدر: http://www.microbeworld.org/index.php?option=com_jlibrary&view=article&task=download&id=7611

صورة للمكورات العنقودية الذهبية بالمجهر الإلكتروني (تلوين اصطناعي، تكبير 5000 مرة)

صورة للمكورات العنقودية الذهبية بالمجهر الإلكتروني (تلوين اصطناعي، تكبير 5000 مرة)

المصدر: http://phil.cdc.gov/PHIL_Images/10046/10046_lores.jpg

التاريخ:

تم كشف النقاب عن وجود هذه الفصيلة من البكتيريا في أواخر القرن التاسع عشر (1878)، حيث لاحظ “روبير كوخ” (Robert Koch)، بواسطة المجهر، الشكل العنقودي المميز لهذه الفصيلة وذلك انطلاقا من عينات صديد. وتواصل العمل حتى سنة 1881 حيث نجح “ألكسندر أوغستون” (Alexander Ogston) في عزل البكتيريا من التهابات على مستوى ندوب بعد عملية جراحية عند أحد المرضى. كما قام ذات الباحث بإعادة التسبب في نفس التقرحات لدى حيوانات في المختبر.

في سنة 1884 استطاع الدكتور “أنتون روزنباخ” (Anton Rosenbach) عزل المكورات العنقودية الذهبية. وسميت بذلك للونها المميَّز عند زرعها في وسائط اصطناعية.

الوسط الطبيعي:

تتواجد هذه البكتيريا بشكل طبيعي عند الحيوانات ذوات الدم الساخن وعند الإنسان، وذلك على مستوى الجلد، كما يمكن أن تتواجد أيضا على مستوى المسالك التنفسية وفي الأنف، ذلك لأنها تستغل الرطوبة خاصة عند طيات الجلد وتحت الإبطين نتيجة التعرق. وتعتبر S.epidermidis النوع الأكثر تواجدا عند الإنسان.

أبرز الخصائص:

تشترك المكورات العنقودية، وإن تعددت أنواعها، بإنتاجها عدة سمينات (Toxins)، وكذا امتلاكها ترسانة من الأنزيمات القادرة على إلحاق أضرار بعدد هام من المواد البيولوجية، مثل البروتينات (وتسمى Protease) والحمض النووي (Nuclease).

وتتميز المكورات العنقودية الذهبية عن باقي المكورات العنقودية بامتلاكها أنزيمات تدعى (coagulase) تلعب دورا في التخثر، وتقوم المكورات العنقودية الذهبية باستعمالها لصنع ما يشبه الكبسولة حولها، مما يصعّب على الخلايا المناعية الوصول إليها، بل وأبعد من ذلك، تنتج هذه البكتيريا مادة “اللوكوسيدين” (Leukocidin) القادرة على تدمير الخلايا المناعية، موفرة بذلك المواد الأساسية لتغذية البكتيريا. زد على ذلك مادة “α-toxine” السّامة، والتي تقوم بتخريب خلايا البشرة، مما يسهل على البكتيريا التوغل داخل طبقات الجلد.

من أبرز خصائص المكورات العنقودية كذلك، قدرتها على تحمل بعض الظروف البيئية الصعبة، كقلة الماء، وارتفاع درجة الحرارة (50 درجة عند غالبية الأنواع)، ونسب ملوحة عالية تصل إلى 75 غرام ملحٍ في اللتر بالنسبة للمكورات العنقودية الذهبية.

الأمراض والوقاية:

تعيش المكورات العنقودية على جلد الإنسان، ويحمل 30 بالمائة من البالغين المكورات العنقودية الذهبية دون أن يكونوا مصابين بأي مرض، وتقتات على بعض المواد العضوية التي قد تصادفها، وكذا على بقايا خلايا البشرة الميتة، فإذا لم تجد هذه البكتيريا ما تقتات عليه، أو ارتفعت أعدادها بسبب التقاطها من الوسط الخارجي، توغلت في طبقات الجلد مسببة التهابات وتقرحات نتيجة للضرر الحاصل جراء إفراز البكتيريا للسموم والأنزيمات الهادمة (lytic enzymes) المتنوعة، والتي تدمر شتى أنواع الأنسجة. وهكذا تتنوع الأعراض حسب نوع البكتيريا ودرجة التعرض لها وتموقعها في الجسم، فنجد أعراضا تبدأ من بثور طفيفة إلى أخرى أكثر حدة، مصحوبة بإفرازات صديدية. كما قد تحدث الإصابة على مستوى النسيج العظمي والمفاصل، مسببة آلاما والتهابات، وقد تتسبب في التهابات رئوية، يمكن أن تصل في بعض الحالات إلى الدماغ، مسببة التهاب السحايا. وتجب الإشارة إلى أن الالتهابات الجلدية تكون جد معدية من شخص لآخر بالاتصال المباشر بجلد مصاب.

كما يحدث استهلاك أطعمة ملوثة بهذه البكتيريا تسممات حادة سويعات فقط بعد دخولها الجسم، ويعاني المريض حينها من القيء والإسهال الحاد.

وتتم محاربة المكورات العنقودية الذهبية أساسا باستعمال المضادات الحيوية، إلّا أن هذه الأخيرة لم تعد تجدي نفعاً نظرا لتكيّف هذه البكتيريا واكتسابها القدرة على تحملها، فلم نعد نستعمل “البنسيلين” منذ سنة 1942، وذلك بعد عامين فقط من اعتماده مضادا حيويا للمكورات العنقودية الذهبية، ليتم تعويضه ب”الميثيسيلين” ومن بعده “الأوكساسيلين”، فقد أصبحت اليوم أكثر من 90 بالمائة من المكورات العنقودية الذهبية مقاومة لهذه المضادات الحيوية.

وتبقى الوقاية خير سبيل لتفادي هذه المشاكل، وذلك بالحفاظ على النظافة والغسل المستمر للأيدي والمسارعة بتنظيف وتطهير البثور على الجلد فور ظهورها.

إعداد: عبد الخالق العلوي

التدقيق اللغوي: علي توعدي

المصادر:

  • C. Anthony, MD. Hart, 2004 ; Color Atlas of Medical Microbiology. p 229
  • Y. Le Loir, M. Gautier, 2009 ; Staphylococcus aureus 282p
  • lien1
  • lien2

 

 


الكاتب: عبد الخالق العلوي