image_pdfimage_print

اكتشف فيزيائيو الكلية الامبريالية للعلوم والتكنولوجيا بلندن كيفية إنتاج المادة من الضوء بعدما كانت هذه الفكرة من المستحيلات قبل ثمانية عقود.

في أحد مكاتب مختبر فيزياء الكلية الإمبريالية المسمى “بلاكيت” اسم الحائز على جائزة نوبل للفيزياء لسنة 1948، أثبت ثلاثة فيزيائيين باستعمال طريقة تعد بسيطة نسبيا النظرية التي أبدعها العالمان “بريت” و”ويلير”سنة  1934.

photon-photoncollider-2

اقترح “بريت” و”ويلير” إمكانية تحويل الضوء إلى مادة عن طريق سحق جسيمين من الضوء (فوطونات)، الشيء الذي سيُنتج حسب النظريـــة إلكترونـــا و بوزيترونا. نظريا كانت الحسابات سليمة، لكن صرح كل من بريت” و”ويلير” أنهما لم يتوقعا أن يتمكن أي شخص من إثبات هاته النظرية فيزيائيا، وقد لوحظ في التجارب السابقة أن التجرية تحتاج إلى كمّ هائل من الجسيمات عالية الطاقة.

أظهرالبحث الذي نشر مؤخرا في مجلة “الطبيعة للضوئيات” “Nature Photonics” لأول مرة كيفية إثبات نظرية بريت” و”ويلير” تجريبيا. ستكون تجربة “اشتباك أو تصادم الفوتونين” التي بإمكانها تحويل الضوء مباشرة إلى مادة عن طريق استخدام التكنولوجيا المتوفرة التجربة الفيزيائية الأولى من نوعها التي تستخدم الطاقة العالية. ستعيد هاته التجربة تمثيل الـ 100 ثانية الأولى من عمر الكون وهو ما يرى كذلك في انفجارات أشعة “غاما”  التي تعد أضخم الإنفجارات في الكون وأحد أعظم الأسرارالفيزيائية التي لم يوجد لها حل.

بينما العلماء يشتغلون على “طاقة الإنصهار” إذا هم يدركون أن ما يشتغلون عليه يمكن تطبيقه على نظرية بريت” و”ويلير”. تم تحقيق تقدم بشراكة مع علماء  الفيزياء النظرية من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية. يشكل تأكيد نظرية “بريت” و”ويلير” أحد القطع المفقودة لفهم لغز تفاعل الضوء والمادة.

imagephoton-photoncollider

تتضمن القطع الست الأخرى من هذا اللغز نظريتين ارتبطتا بجائزة نوبل للفيزياء و هما: نظرية ديراك سنة 1930 بخصوص إفناء الإلكترونات والبوزيترونــــات، و نظرية إينشتاين سنة 1905 حول ظاهرة الكهروضوئية.

وقد صرح البروفيسور “ستيف روز” عن قسم الفيزياء بالكلية الإمبريالية “على الرغم من أن كل الفيزيائين قبلوا  بصحة النظرية إلا أن “بريت” و”ويلير” لم يتوقعا أبدا أن يتم إثبات النظرية داخل المختبر. اليوم وبعد 80 سنة أثبتنا خطأ توقعهما. و ما كان مفاجئا بالنسبة لنا هو اكتشاف أنه بإمكاننا القيام بتحويل الضوء مباشرة إلا مادة باستعمال التكنولوجيا المتوفرة عندنا في المملكة المتحدة، نحن كعلماء الفيزياء النظرية نتحدث مع الآخرين من التجريبيين الذين باستطاعتهم استعمال أفكارنا للقيام بهاته التجربة التي تعتبر معلما في صرح الفيزياء المعاصرة.”

تنبني تجربة المصادم التي يقترحها العلماء على خطوتين أساسيتين:

الأولى هي استخدام الليزرالشديد ذي القدرة هائلة على تسريع الإلكترونات إلى سرعة تقارب سرعة الضوء، ثم يتم إطلاق هاته الإلكترونات على شريحة من الذهب لإنشاء حزمة من الفوتونات تحوي طاقة مليار مرة أكثر من الضوء المرئي.

تقتضي الخطوة الثانية من التجربة استعمال قطعة صغيرة من الذهب يمكن تسميتها بـ “هوهلرام” (كلمة ألمانية تعني تجويف)، سيطلق العلماء الليزر ذي  الطاقة الهائلة على المساحة الداخلية لصفيحة الذهب لإنشاء حقل للإشعاع الحراري، لتوليد ضوء مماثل للضوء المنبعث من النجوم.

يتم توجيه حزمة الفوتونات من الخطوة الأولى للتجربة عبر مركز الصفيحة وسيشكل تصادم حزمتي الفوتونـات -أي الضــــــــوء- من المصدريــن إلكترونات و بوزيترونات -وهما عبارة عن مادة-. وبالإمكان التأكد من وجود الإلكترونات والبوزيترونات حال خروجها من الصفيحة.

light-to-matter

وقد صرح “أوليفير بايك” قائد البحث، والذي يكمل حاليا الدكتوراة في فيزياء البلازما “بالرغم من أن النظرية من الناحية المفاهيمية صحيحة، إلا أنه من الصعب التأكد منها تجريبيا، لقد استطعنا التوصل إلى فكرة المصادم بسرعة، لكن يحتاج التصميم التجريبي الذي نقترحه إلى بعض الوقت لينفذ باستخدام التكنولوجيا المتاحة. ذهلنا خلال الساعات القليلة التي أمضيناها في اكتشاف مزايا  “هوهلرام” خارج دورها الطبيعي في أبحاث “طاقة الإنصهار”، عندما اكتشفنا أنها توفر الشروط الملائمة لصناعة مصادم الفوتونات.”

و ختاما  فقد بدأ فعلا السباق لاستكمال و تنفيذ الجربة!” فيا ترى في أي مختبر ستتم أول عملية لتحويل الضوء إلى مادة؟

 

إعداد: محمد بوراس

راجعه ذ. رشيد لعناني

المصدر:

1

© Oliver Pike, Imperial College


الكاتب: محمد بوراس