وسائل الاتصال في الطائرات ودورها في البحث عن الطائرة الماليزية المفقودة

مازال موضوع اختفاء الطائرة الماليزية MH370 يثير العديد من التساؤلات و الفرضيات. و قد تم توسيع نطاق البحث باتجاهين   بناء على معلومات تفيد بكون الطائرة غيرت اتجاهها، و أنها أرسلت إشارات لعدة ساعات بعد اختفائها من شاشات الرادار العسكرية. فقد تم الحديث في البداية عن اشارات عن نظام  ACARS   قبل نفيه، ثم عن تبادل إشارات Pings  بين الطائرة وأحد الاقمار الاصطناعية.
ما هو هذا نظام ACARS و ما هي استعمالاته؟ و ما هي  إشارات Pings ؟ولماذا يتم التركيز على اتجاهين في عمليات البحث؟

نظام  Aircraft Communication Addressing and Reporting System و المعروف اختصارا بـ ACARS هو نظام تبادل للرسائل المشفرة بين الطائرات و مراكز الاتصال الارضية .

 يسمح هذا النظام بتبادل البيانات بين خدمات الملاحة الجوية مع المراقبين الجويين لطلب التراخيص دون الحاجة للتحدث عبر اللاسلكي، وهوما يمكن من تخفيف الضغط على بعض موجات الراديو. يتم استخدام الخدمة أيضا من قبل الشركات لتبادل المعلومات مع طواقمها، كما يمكن للطائرة  أن ترسل بواسطته  رسائل تلقائية (دون تدخل طاقم الطائرة أو علمه) الى قسم الصيانة بالشركة المصنعة للطائرة (مثل Boeing أو Airbus) أو لأجزاء منها (مثل Rolls-Royce)، لكي يستعد للقيام بالإصلاحات قبل وصول الطائرة.

من الناحية التقنية، يمكن للنظام استخدام ثلاثة موجات مختلفة:

  • نظام VHF، و هو أقدم نظام حيث تم استعماله منذ 1984 و هو غير مكلف من حيث التجهيزات. لكن مداه محدود جغرافيا، لأن هذه الموجات لا تنعكس على طبقات الجو و بالتالي لها امتداد بصري فقط، باستثناء بعض الفترات من فصل الصيف، حيث بامكان هذه الموجات الانعكاس على طبقة اليوينسفير. و كمثال على ذلك لابد أن بعضكم قد لاحظ أن جهاز الراديو أو التلفزة (الارضية) يتمكن من التقاط القنوات الاذاعية و التلفزية الاسبانية و البرتغالية في المناطق الشمالية خلال بعض الايام من الصيف نتيجة هذا الانعكاس. وبالامكان التقاط اتصالات الطائرات باستعمال جهاز راديو خاص، وهناك هواة يقومون بسجيل هذه المعطيات و تحليلها بواسطة برامج خاصة على الحاسوب.

    SATCOM

    مواقع مختلف الهوائيات على طائرة بوينغ 777

  • البث الفضائي و الذي يستخدم بشكل رئيسي أثناء التحليق فوق المحيطات لضمان الخدمة على طول خط السير، لكن تثبيته مُكلف و لا يغطي جميع المناطق، خصوصا المناطق القطبية. و يعتمد هذا النظام على مجموعة من الاقمار الصناعية لها مدار ارضي متزامن géosynchrone  مثل Inmarsat  منذ 1990 و Irridium  منذ 2008.

 

  • لتدارك هذا النقص في التغطية  تم  بين 1995 و 2001 نقل الرسائل ACARS على موجات HF و التي يمتد مداها عدة آلاف من الكيلومترات، لأن هذه الموجات يمكنها أن تنعكس على طبقة اليونوسفير و سطح الارض عدة مرات.

هذا مثال لرسالة ACARS  سجلها أحد هواة الراديو على موجة VHF لطائرة تقوم برحلة بين البندقية و لندن.

acars

هنا  شرح  لبعض المصطلحات في الرسالة:

G-DOCB  هو رمز الطائرة المرسلة (بالبحث في الانترنت سنجد أن الطائرة تابعة لشركة British Airways)

Message label : 15   هو نوع الرسالة و رقم 15 يشير الى ان الرسالة بخصوص موقع الطائرة.

2 Msg. no: M61A هو الرقم التسلسلي للرسالة

Flight id: BA2583  رقم الرحلة

محتوى الرسالة
FST01 وضعية الرحلة
LIPZ    مطار البندقية بايطاليا  ( الانطلاق)

EGKK مطار لندن  Gatwick (الوصول)

N475498E007828 احداثيات الطائرة أي انها تتواجد في 47°54’98″  شمالا و 00° 78’98″  شرقا

M056C درجة الحرارة  -56°C

1112 توقيت الرسالة  11h12 GMT

و يظهر جليا من هذا المثال أهمية مثل هذه المعلومات في حالة حوادث الطيران، كما حدث مع الطائرة الفرنسية التي سقطت في عرض المحيط الاطلسي سنة 2009، بحيث مكنت  الرسائل التلقائية الاخيرة من تحديد نوعية المشاكل و احداثيات الطائرة  مما ساهم في العثور على حطامها فيما بعد وتحديد سبب هذه الحادثة.

في حالة الطائرة الماليزية، تم إيقاف اجهزة الاتصال بعد ساعة من الطيران و بشكل متباعد، حيث أقفل نظام ACARS  في البداية و بعده بربع ساعة تم إغلاق جهاز ارسال transpondeur  الذي يمكن الرادارات من التعرف على هوية الطائرة. وقد تناقلت وسائل إعلام في الايام الاولى بعد الاختفاء أن الشركة المصنعة للمحركات قد تلقت رسائل ACARS  من الطائرة لمدة 4 ساعات بعد اختفائها،  لكن الشركة نفت الخبر وأكدت عدم تلقيها لهذه المعلومات.

كما تم الاشارة له سابقا فإن الطائرات مجهزة بوسائل اتصال مع الاقمار الاصطناعية. و هناك شبكة من الاقمار حول الارض تضمن استمرارية التواصل بين الطائرات و المراقبين الجويين. وقد أعلنت شركة Inmarsat  أن أحد أقمارها الاصطناعية المتواجد فوق المحيط الهندي في مدار ارضي متزامن géosynchrone  قد تلقى جوابا عن إشارة اوتوماتيكية يبعثها للطائرات المتواجدة في مجال تغطيته وذلك لعدة ساعات بعد اختفاء الطائرة . هذه الاشارات تسمى pings  وهي شائعة في ميدان الاتصالات، تمكن من معرفة وجود المستقبل و تمكن كذلك من حساب المدة التي تستغرقها هذه الرسالة. فلا شك مثلا أنكم سمعتم صوت تشويش على الراديو من طرف الهاتف، دون حدوث أي اتصال أو رسالة SMS، ففي تلك اللحظة تتأكد شبكة الاتصال من أن هاتفكم مشغل و يوجد في نطاق تغطية الهوائيات و التشويش هو ناتج عن جواب الهاتف عن إشارة Pings تلقاها من حاسوب الشبكة. بالنسبة للقمر الصناعي Inmarsat فإنه يقوم بشكل دوري بارسال هذه الاشارات، ليعرف الطائرات التي تتواجد ضمن مجال تغطيته، ويبدو أن من قام بوقف اجهزة الاتصال نسي تواجد هذا النظام و لم يوقفه.

INMARSAT-positions (1)

 بواسطة هذه الاشارات تمكن التقنيون  في شركة Inmarsat  من تحديد المسافة  بين القمر الصناعي و الطائرة . وهذا ما مكنهم من تقدير احتمال  تواجد الطائرة اثناء ارسال الاشارات في دائرة كبيرة. و بإدماج المعلومات المتوفرة من شبكات الرادار و كمية الوقود،  تم الاقتصار على جزء من هذه الدائرة و المتمثل في القوس بالأحمر على الخريطة، و الذي يمتد في اتجاهين من ماليزيا.

الكاتب : رضوان بوهوش

المصادر:

What SATCOM, ACARS and Pings tell us about the missing Malaysia Airlines MH370

« Écoute » des messages ACARS