نبات القنب ..

يعتبر القنب – بجميع أشكاله – الأكثر استهلاكا في العالم، ووفقا للتقرير العالمي للأمم المتحدة حول المخدرات، يبقى القنب المخدر المفضل في جميع أنحاء العالم رغم أنه لا يزال حتى الآن مادة غير قانونية في أغلب دول العالم. يتراوح عدد متعاطي القنب، في عام 2009، ما بين 125 مليون و 203 مليون شخص في العالم، وتتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاما، ويعتبر المغرب وأفغانستان من أكبر المنتجين والمصدرين لنبات القنب لأغلب بلدان العالم.

Cannabis (2)

يرجع تاريخ نبات القنب إلى عهد الصين القديمة، منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة، كان يزرع من أجل صناعة الأحبال والأقمشة، كذلك، فإن الإغريق والرومان القدماء، استخدموا ألياف القنب لصنع الحبال وأشرعة الزوارق. كان يستخدم القنب في العراق، في القرن الخامس عشر، من أجل علاج الصرع. وفي مصر، كان يستخدم كمخدر، وخلال احتلالها من طرف جنود نابليون، جلب هذا النبات إلى أوروبا وتم استخدامه كمخدر، ثم نقل من إفريقيا إلى المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الجنوبية.

 ينتمي القنب إلى فصيلة Cannabaceae، وهناك سلالات متعددة منه أشهرها:

– سلالة Cannabis sativa L. تزرع في المناطق الاستوائية من أجل أليافها وأيضا من أجل خصائصها المخدرة.

– سلالة  Cannabis indica Lam.والمعروفة باسم القنب الهندي، يعود أصلها إلى جبال الهمالايا في شمال الهند.

– سلالة Cannabis ruderalis Janisch وتسمى أيضا بالقنب البري، وعرفت في جنوب شرق روسيا القديمة ثم انتقلت إلى وسط وشرق أوروبا.

– سلالة Cannabis afghanica يسمى عادة بالقنب الأفغاني ويزرع أساسا في جبال باكستان وأفغانستان.

ما الذي تحتوي عليه السجائر الملفوفة « Joint »؟

تحتوي السجائر المصنوعة يدويا، من الحشيش (الراتينج Resin) أو من الماريجوانا (الأوراق المجففة)، على مجموعة متنوعة ومتعددة من المركبات الكيميائية، منها Cannabinoids. تم تحديد الجزء الرئيس والنشط في القنب في عام 1964، Delta-9-TetraHydrocannabinol (THC)، ويؤثر عن طريق ارتباطه بمستقبلات خاصة، وتسمى CB1، التي توجد على مستوى غشاء الخلايا العصبية. لا تتركز هذه المستقبلات في مناطق مختلفة من الجهاز العصبي فقط، بل توجد أيضا بكميات أصغر في بعض الأعضاء مثل الرحم والمبيض والخصيتين والقلب والأمعاء الدقيقة أو الطحال.  يفرز جسم الإنسان مادة مشابهة لمركب THC تسمى بالجزيئات Endocannabinoids وترتبط بنفس المستقبلات CB1.

Cannabis1

ما هو الدور الفيزيولوجي للقنب؟

يعتبر المركب  (THC) المسؤول عن أغلب آثار القنب على الجسم، وله مستقبلات غشائية خاصة توجد في القشرة الدماغية (Cerebral Cortex)، الحصين (Hippocampus)، الوطاء (Hypothalamus)، اللوزة (Amygdala)، والعقد القاعدية (The Basal Ganglia)، والمخيخ (Cerebellum)، جذع الدماغ والحبل الشوكي (Brainstem And Spinal Cord). يفسر هذا التوزيع الآثار المختلفة للقنب وخصوصا الآثار العصبية والنفسية بسبب وجود هذه المستقبلات بكثرة على مستوى القشرة الدماغية التي تمثل البنية الأساس لتشكيل الذكريات مما يتسبب في اختلال وظيفي للحركة وذلك بالتأثير على مراكز السيطرة على الحركة. أما تأثيره على جذع الدماغ والحبل الشوكي فيتعلق بتخفيف عتبة الألم والسيطرة على القيء ومنعه. يساعد أيضا القنب على الزيادة في الوزن وتعزيز العواطف وذلك بالتأثير على منطقة ما تحت المهاد المسؤولة عن تنظيم الشهية، واللوزة المسؤولة على تنظيم الشهية و ردود الفعل العاطفية. يمكن أن تسبب الجرعات الكبيرة منه الهلوسة عند بعض الناس لكن غالبا ما يكون له تأثير منوم.

الآثار السلبية المتوقعة على الوظيفة التناسلية ( انخفاض الخصوبة، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية، وضمور الخصيتين والمبيضين) (بالنسبة للجنين فمن المحتمل حدوث بعض الطفرات والتشوهات) .

هل يمكن للقنب أن يدفعك للجنون؟

يعتبر الشباب هم الفئة الأكثر تدخينا لنبات القنب ، وقد أشارت الدراسات إلى أن تدخينه يؤدي إلى تعطيل نضوج الدماغ  و ظهور بعض الاضطرابات النفسية من بعد عشر أو عشرين سنة. هناك أدلة متزايدة بخصوص مخاطر الاستخدام المنتظم للقنب مددا طويلة. بالرغم من الانقطاع لسنوات يحتفظ الدماغ ببعض أثاره، ويعرقل القنب نمو وتطور الوصلات العصبية (Neuronal Connections) خلال فترة المراهقة، وبالتالي ظهور الاضطرابات النفسية في مرحلة البلوغ – الاكتئاب والفصام – وتدني قدراتهم الفكرية.

cannabis

خلال دراسة أجريت سنة 2011 في جامعة ماستريخت (هولندا) تظهر في المتوسط مضاعفات خطر الفصام لدى الشباب الذين يدخنون القنب لأقل من خمس مرات في السنوات الأخيرة. ودراسة أخرى في عام 2010 أجرتها جامعة كوينزلاند (أستراليا) أجريت فقط بين الإخوة والأخوات، للحد من التحيز بسبب الاستعداد الوراثي. وأكدت هذه الدراسة أنه كلما ارتفع الاستهلاك في وقت مبكر، يزيد خطر الإصابة بمرض الفصام. في عام 2012، أظهرت دراسة أجرتها جامعة ولاية ميشيغان (الولايات المتحدة الأمريكية) الزيادة من مخاطر  الاصابة بالفصام بين مدخني القنب تتراوح ما بين 60 ٪ إلى 90 ٪.

في سنة 2012، أصدرت جامعة ديوك في الولايات المتحدة دراسة عن تأثير القنب على مستوى الذكاء، فكانت النتائج كالتالي: يعاني المدخنون المدمنون على القنب لعدة سنوات ، ما بين المراهقة والبلوغ من انخفاض 8 نقط من حاصل الذكاء (IQ)، لكن غير المدخنين يستفيدون من زيادة طفيفة.  والأهم من ذلك هو أن هذا الانخفاض في معدل الذكاء استمر أكثر من سنة بعد التوقف عن تدخين القنب.

 استعمال القنب في المجال الطبي:

نظرا لخصائصه العلاجية العديدة، استعمل القنب منذ آلاف السنين و كما أن له تأثيرات سلبية فله أيضا تأثيرات إيجابية، فهو يساعد مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي على مكافحة ومنع القيء كما أنه يساعد على التخدير والشعور بالنشوة ولكن له أيضا آثار جانبية خطيرة ذكرناها سابقا مثل الاكتئاب والفصام والهلوسة..

ومن أهم استعمالات القنب في المجال الطبي: علاج الجلوكوما أو مرض الزرق و هو مرض يصيب العيون ويتسم بزيادة الضغط داخل العين. يقلل مركب THC من هذا الضغط، ويمكن استخدامه لمكافحة أمراض العيون التي يمكن أن تؤدي إلى العمى، مرض التصلب اللويحي، تشنجات العضلات والتقلصات المرتبطة بالأمراض العصبية.